Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 71-71)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قال آمنتُمْ لَهُ } أأذعنتم لموسى باتباعه ، أو صدقتم به أى برسالته ، أو اللام للتعليل أى آمنتم بالله لأجل موسى ، فحذف بالله أو الهاء لرب موسى وهارون ، وفيه تفكيك الضمائر ، أن الضمير في : { إنه لكبيركم } لموسى لا للرب ، وما تقدم أولى الأن الايمان يكون بالباء مع الله ، وباللام مع غيره كقوله عز وجل : { يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين } [ التوبة : 61 ] { فما آمن لموسى } [ يونس : 83 ] { لن نؤمن لك } [ الإسراء : 90 ] { وما أنت بمؤمن لنا } [ يوسف : 17 ] { فآمن له لوط } [ العنكبوت : 26 ] { قبل أن آذن لكُم } أى من غير إذنى لأنه لم يقال لهم من قبل لا تؤمنوا حتى آذن لكم ، ولا عرفوا ولا اعتقدوا أنه يأذن لهم فى الإيمان كائنا ما كان ذلك كقوله تعالى : { قبل أن تنفد كلمات ربى } [ الكهف : 109 ] مع أنه لا نفاد لها البتة ولا مانع أن يكون لما رأى معجزة موسى الغالبة لسحرهم فقال : لا تعلنوا الإيمان حتى آذن لكم فيه ، ذكر بعض أن الأمر يدل على إرادة الأمر الفعل المأمور به ، وليس فى الإذن ذلك . { إنَّهُ لَكبيركُم } في السِّحر { الذى علمَّكُم السِّحر } فأنتم وهو على غير هدًى ، والهدى ما أنا عليه ، وقد ضللتم عنه ، واتفقتم أنتم وموسى في ذلك علىَّ فليس إيمانكم لحجة قامت عليكم ، أو خذلكم فى التعليم لم ينصح لكم فقبلكم { فلأقطِّعنَّ } شدد مبالغة { أيْديكُم وأرْجُلكم مِن خلاف } الجانب المخالف أو الجهة المخالفة ، وهو مصدر ، كأنه قيل : من جانب ذى خلاف للآخر ، أو من جهة ذات مخالفة للأخرى ، أو مصدر بمعنى الوصف ، ومن للابتداء ، وان أبقيناه على المصدرية بلا تقدير مضاف ، ولا تأويل للوصف ، فمن بمعنى عن ، أو على ولا إشكال كما زعم بعض ، وهى متعلقة بأقطعن ، ولا حاجة الى تقدير تقطيعاً مبتدأ من جانب مخالف ، واو من جهة مخالفة ، أو لأقطِّعنَّها متخالفات ، وذلك قطع اليد اليمنى ، والرجل اليسرى ، أو الرجل اليمنى ، واليد اليسرى ، وفي بيان هذه الهيئة لهم رضى الله عنهم إخبار بأن القطع لا بد منه ، ولم يقطع وفاقا إبقاء عليهم للرحمة أو الألفة سبقت لهم معه ، أو لأنه دون القطع من خلاف في الفظاعة . { ولأُصلبِّنَّكم } شدد مبالغة { في جُذُوع النخْل } أى عليها من ظاهرها بلا حفر فيها ، شبه إعلاءهم فيها مدة طويلة ، جعلهم فى داخلها لجامع التمكن استعارة أصلية ، واستعارة فى من جانب المشبه به لمعنى ، على من جانب المشبه تبعية ، وقيل : حفر لهم فى الجذوع ، أو أراد الحفر فلا استعارة ، وهو بعيد ، بل لا ندرى أوقع الصلب ، ولعله أخبرهم فرعون به ، ولم يفعل ، والظاهر أنه فعل فقيل هو أول صالب وشهر ، واستظهر بعض البقاء على الأصل ، وهو عدم الفعل . { ولتعْلَمُنَّ أيُّنا } أنا أو موسى { أشد عذاباً وأبقَى } أدوَم لم يعرف من موسى تعذيباً ولا شدة ولا طولا ، لكن استهزأ به ونسب إليه أنه يعذب بشدة ، وطول أو اتهمهم أنهم خافوا من أن يعذبهم بعصاه التى بلعت سحرهم أو أينا أنا ورب موسى الذى وعدكم موسى أنه يعذبكم إن لم تؤمنوا به ، وقد قالوا آمنا برب هارون وموسى ، أو أبقى بمعنى أعظم عطاء ، والبقاء بمعنى العطاء ، وكان يعطى لمن يرضاه ، كقول نمروذ : أنا أُحيى وأُميت ، وذلك بعيد ، لأن البقاء بمعنى العطاء غير مشهور ، وإذا ثبت فنادر ، والأنه لا وجه لذكره العطاء لهم بعد قنوطهم من فرعون ، وإقناطه لهم ، وقد يقال : الشاهد فى : { أشد عذاباً } فيكون ذكر لهم العطاء السابق ، والعذاب الحاضر ، ولا يستبعد عنه قبيحة ما من القبائح ، ألا تراه لم يؤمن وتمادى حتى طلب الموعد بعد ما رأى من العصا ، وقد قصدت بلع قبته معه ، فاستغاث بموسى ، فهو يفحش ويبرق ويرعد ، ولو رأى إقبال ما أوعد .