Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 5-5)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ بل قالوا أضغاثُ أحْلام } إضراب من الله انتقالى من ذكر قولهم الباطل : { هل هذا إلا بشر مثلكم } [ الأنبياء : 3 ] الخ الى ذكر قول آخر باطل هو قوله : هو ، اى ما تتلو علينا تخاليط مرائى يراها الإنسان فى نومه { بل افتراه } إضراب منهم عن قولهم أضغاث أحلام ، الى قولهم إن القرآن من عنده البتة مقتطع منه ، لا اتصال له بشىء ما من الله { بل هُو } أى محمد { شاعر } إضراب منهم عن قولهم : أنه افتراهُ الى قولهم : إن القرآن شعر ، وشاعره محمد يحيل به الناس مالا حقيقة فيه ، وهو أخص من الافتراء ، والإضرابان انتقاليان ، أو إبطاليان ، أو الثانى انتقالى ، والثالث إبطالى ، أو بالعكس ، ويجوز أن يكونان من الله عز وجل على تقدير القول : ( بل قالوا افتراه ) ( بل قالوا هو شاعر ) وقولهم : سحر دون قولهم : { أضغاث أحلام } فى الفساد ، وقولهم : { أضغاث أحلام } دون قولهم { افتراه } فيه ، وقولهم : { افتراه } دون قولهم : { هو شاعر } وذلك كما جاء أن من البيان لسحرا ، وتخاليط الكلام لا تنضبط ، والقرآن بلاغته لا طاقة له صلى الله عليه السلام بها ، ولا لهم مع شدة أمانته عندهم ، وأنه لا افتراء له فى شىء يدّعونه عليه ، فضلا عن أن ينسبوه الى افتراه القرآن ، ولا حكمة فى الشعر إلا نادراً ، وحكم القرآن لا تحصى . فقوله صلى الله عليه وسلم : " إن من الشعر لحكمة " إخبار بالنادر ، بل قال الراغب : الشاعر فى القراآن بمعنى الكاذب ، وقد وصفهم الله عز وجل بأنهم يهيمون فى كل واد ، وأنه يتبعهم الغاوون ، فهم فى غى إغواء ، وأنهم يقولون مالا يفعلون ، فهم كاذبون ، واستثنى الله من اتبع هذا القرآن . { فَلْيأتِنا } إن لم يكن كما قلنا ، بل صدق فليأتنا { بآية } ليست من جنس ما يأتى به { كَما أرسل الأوَّلونَ } صالح وموسى وعيسى ، كالناقة والعصا ، وإبراء الأكمه والأبرص ، وإحياء الموتى ، وغير ذلك مما لا يحتمل السحر ، وشبه الأحلام فى الضعف والشعر ، ويدوم ويشاهد ، وهذا شأن المحجوج المبطل المترددين باطل ، وأبطال ، وقد نفوا أن يكون البشر نبيا ، ومع هذا قالوا : { كما أرسل الأولون } وكأنهم أرادوا كما أرسل الأولون فى زعمك ، أو قالوه اضطراباً ، ولم يقولوا كما أتى الأولون ، ليزيدوا بذكر الإرسال من الله عز وجل ، ولم يقولوا فليرسل إلينا بالبناء للمفعول تلويحا بأنه قال : { من عنده } لا برسالة كالأولين ، كما قالوا افتراه ، وما مصدرية ، أى إتْياناً ثابتاً ، كإرسال الأولين ، أو اسم أى بآية مثل آيات أرسل بها الأولون ، أو مثل الآيات التى أرسل بها الأولون ، وحذف الرابط المجرور بدون أن يجر الموصول بمثله ، ويتعلق الموصول بمثل ما تعلق به لظهور المعنى ، واشترط ذلك ليس متفقاً عليه ، كما ذكره الصبان بقول : والمنعوت كالموصول ، بل المتعلق متحد هنا ، لأن الإتيان الإرسال بمعنى ما مصدقا ، وعلى الاشتراط تجعل ما حرف مصدر أولى من أن يقال : حذف الجار ونصب مدخوله ، فحذف كما حذف الرابط المنصوب .