Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 39-39)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ والَّذين كَفَروا أعمالهُمْ } ما يعملونه مما هو طاعة شرعية ، وما يدعونه عبادة ، وليس عبادة كفك العانى ، وسقاية الحاج ، وعمارة البيت وإغاثة الملهوف ، وقرى الضيف ، وكلطخ البيت بدم الذبائح التى يتقربون بها ، ودخول البيوت من غير أبوابها إذا أحرموا ، وقولهم : لبيك اللهم لا شريك لك إلا شريكا تملكه وما ملك . { كسرابٍ } من سرب الماء بمعنى جريانه ، لأنه بخار رقيق يصعد من قيعان الأرض تصيبه الشمس فيرى من بعيد كأنه ماء سارب ، أى جار أو ما ترقرق من الهواء وقت شدة الحر فى الفيفاء المنبسطة ، أو شعاع يرى نصف النهار وقت شدة الحر { بقيعةٍ } فى أرض مستوية منبسطة ، لا فى هوائها فقط نعت سراب { يحسبُه } يظنه ، وقيل : الظن أن يخطر الشيئان الجائزان ، أو الأشياء الجائزات فى القلب ، ويرجح أحدهما أو إحداهن ، والحسبان الحكم بواحد دون خطور الآخر ، دون أن يصل درجة العلم ، ويطلق أيضاً على معنى دعوى وصولها . { الظّمآن } العطشان { ماء } وكذا الريان يحسبه ماء ، إلا أنه خص الظمآن لأنه المتشوف للماء ، والجملة نعت آخر { حتَّى إذا جاءه } أى جاء الظمآن الماء المحسوب أو السراب { لم يجدهُ } أى لم يجد ما حسبه ماء هو السراب { شيئاً } محسوساً ولا معقولا فضلاً عن أن يكون ماء ، ولو كان فى نفس الأمر شيئاً ، وهو البخار المتصعد مثلاً ، ألا ترى أنه يرى من بعيد فلا بد أن له أصلا ، كما أن للحلقة الحاصلة من إدارة الشعلة بسرعة أصلاً ، وهو الشعلة . { ووجَد الله } مقدور الله ، وهو الاهلاك { عنْدَه } عند السراب ، أى يجد حساب الله عند السراب { فوفَّاه حِسابه } أعطاه حساب عمله كاملاً ، فيعذب العذاب المتوقف عليه كاملاً ، ولا يثابون على ما ظنوه من الأعمال نافعاً ، وعبادة فى الجملة لا يوم القيامة ، لأنه لا يؤمن به ، ولكن إذا بعث طمع أن ينفعه ذلك ، أو فرض أنه إن صحت القيامة نفعنى فيها ذلك يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ، ومثل ذلك فى المؤمن قوله تعالى : { يجد الله غفوراً رحيماً } [ النساء : 110 ] أى يجد مغفرته ورحمته ، وقيل نزلت الآية فى عتبة بن ربيعة بن أمية ، كان يترهب فى الجاهلية ، ويلبس المسوح ، ولما جاء الاسلام كفر به . روت صحابة أن الكفار يبعثون يوم القيامة وردا عطاشا ، فيقولون أين الماء فيمثل لهم السراب فى الساهرة ، فيحسبونه ماء فينطلقون اليه ، فيجدون الله تعالى عنده ، فيوفيهم حسابه ، تجرهم الزبانية الى النار ، وتسقيهم الحميم والغساق ، والكلام استعارة تمثيلية { والله سريعُ الحساب } لا يشغله حساب عن حساب .