Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 58-58)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أيُّها الذين آمنوا } الرجال والنساء تغليباً كغالب القرآن ، ولا ينصت الى دعوى ان الخطاب لهم ، وأنهن ملحقات بالقياس ، ولو كان سبب النزول امرأة ، إذ لا يجب التعرض لمن هو سببه ، ولا سيما أنه قيل أيضاً سببه الرجل ، ولعلهما معاً السبب ، روى أن اسماء بنت أبى مرثد بمعجمة مثلثة أو بشين معجمة ، دخل عليها غلام كبير لها فى وقت كرهت ، فقالت : يا رسول الله يدخل علينا غلماننا وخدمنا وقت نكرهه ، وروى أنه صلى الله عليه وسلم بعث فى الظهيرة غلاماً من الأنصار اسمه مدلج ، الى عمر رضى الله عنه فدق الباب ودخل عليه ، واستيقظ وقد انكشف منه مالا يحب أن يرى ، فقال لو نهى الله تعالى آبائنا وأبناءنا وخدمنا ، فذهب مع الغلام اليه صلى الله عليه وسلم ، وجدها نزلت . وعن السدى : كانوا يطئون نساءهم فى هذه الساعات ، فيغتسلون فيخرجن الى الصلاة ، فنزلت الآية ناهية عن دخول هؤلاء فيهن إلا بإذن ، فقد يقال : نزلت فى ذلك كله خطاباً لهم { يا أيها الذين آمنوا } { ليستئذنكم الذين مَلَكت أيمانكمْ والَّذين لم يبلغوا الحُلُم منْكم } وجوباً على الصحيح أطفالا أو بلغاً ، ذكوراً أو إناثاً ، ولا بأس بخطاب الطفل ، ولو على الوجوب ، إلا أنه لاعقاب عليه إن خالف ، وفى المراهق قولان ، ويقال : الخطاب للمالكين فى المعنى ، كأنه قيل : لا تتركوهم أن يدخلوا بلا إذن ولا حاجة الى هذا ، والأمر للغائب . وفى الحديث : " مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر " وأمره إياهم بأمر الأطفال بالصلاة أمر منه تعالى ، وإذا خرجت النطفة من ذكر أو أنثى أو حاضت أو حبلت أو تكعب لها ولو ثدى واحد فبلوغ ، والحق أن ثلاث شعرات سود غلاظ فى إبط أو عورة من ذكر أو أنثى بلوغ ، كما قال عثمان وجرت عليه الصحابة أن الانبات بلوغ ، وكما جاء عن عطية القرظى ، ولو كان غير معروف إذ جاء عن غيره أيضاً أنه استحيا صلى الله عليه وسلم من لم ينبتوا ، وأنا منهم وقتل من أنبت ، وذلك فى حرب قريظة ، واختلاف الروايات بلا تناقض لا بأس به ، كما روى فى هذا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتل من جرت عليه الموسى ، ودعوى أنه أمر بقتل المنبت لقوته ، لا لأن الانبات بلوغ تكلف ، لأن من لم يبلغ غير مكلف فكيف يعاقب بالقتل ، ولا دليل على أن قتله دفع لضره عن المسلمين ، لا تكلف بلا دليل على خلافه . وقد تبلغ الأنثى فى السنة السابعة ، وتحمل ، وقد تبلغ الأنثى أو الذكر فى التاسعة ، وإذا لم توجد علامة فالأنثى الثلاث عشرة ، والذكر الأربع عشرة أو هى لها ، وهو لخمس عشرة ، أو هما لخمس عشرة ، ومشهور أبى حنيفة انها لسبع عشرة ، وأنه لثمانى عشرة ، لأن ابن عباس فسر رشد اليتيم بها ، ويرده أن ذلك فى تمكينه من ماله ، وليس منكم قيداً بالاسلام ، بأن يكونوا أولاد المسلمين ، بل المراد مقابله المماليك فى الآية . { ثلاث مراتٍ } ثلاث استئذانات فى كل وقت من الأوقات الثلاثة ، لأنهن مظنة انكشاف وخلوة ، فان لم يؤذن لهم فلا يدخلوا كما جاء على الاطلاق قوله صلى الله عليه وسلم : " الاستئذان ثلاث " فهو مفعول مطلق فقوله : { مِنْ قَبل صلاة الفجر } متعلق بيستأذن ، وقيل ثلاثة أوقات فهو ظرف ، وعليه الجمهور فمن قبل بدل ثلاث أو مرات ، أى وقتاً ثابتاً بالنصب أو بالجر قبل صلاة الفجر ، والجر على الابدال من مرات . { وحين تضعون ثيابَكُم } عن أبدانكم بالنصب على الظرفية عطفاً على من قبل ، لأن المعنى وقتاً من قبل ، أو على إبدال من قبل من مرات بمعنى أوقات ، فحين مجرور مبنى ، ولو أضيف لمضارع معرب كقوله تعالى : { هذا يوم ينفع } [ المائدة : 119 ] الخ { من الظَّهيرةِ } حال من حين ، ومن للبيان وهو ، وقت انتصاف النهار ، وهو شدة الحر فى الجملة ، أو متعلق بتضع على أنه للتعليل ، فيقدر مضاف أى لأجل حر الظهيرة أو الظهيرة ، نفس الحر ، فلا تقدير { ومن بعْد صلاة العشاء } عطف على من قبل صلاة الفجر ، كما هو أشد مناسبة لقوله : { ثلاث عورات لكم } أو على من الظهيرة اذا جعلنا من للبيان ، وهذه فذلكة لما قبلها للتأكيد ، أى هن ثلاث عورات . { ليس عليْكُم ولا عَليْهم جناحٌ } ولوم وعتاب ، لأن الداخلين البلغ الذكور والاناث مماليك للمدخول عليهم كذلك ، والذين لم يبلغوا يدخلون على احد بلا إذن فى غير تلك الأوقات ، وأما المملوك والمملوكة البالغات ، فلا وجه لدخولها بلا إذن على غير مالكهما فى وقت ما إلا لضرورة { بعدهُنَّ } فى الأوقات المتخللة بين كل اثنين منهن ، ولو قيل قبلهن لكان المعنى كذلك ، واختار البعدية لأن المعروف ان يجد الشىء ، وينهى عما بعده { طَوّافُون } علة لليسية أى هم طوافون ، أو لأنهم طوافون عليكم { بعضكم } يطوف بعضكم { على بَعض } أى أنتم تدخلون عليهم أيضاً أو يقدر أنتم طوافون خطاباً للمماليك والسادة والأطفال ، ولا ضعف فيه ، فيكون بدلا من انتم أو من المستتر فى طوافون أو مبتدأ الطوافون . { وكذلك } كما بين الله لكم ما ذكر { يبيِّن } اعتاد البيان { الله لكم الآيات } قبل هذه البيان وبعده { واللهُ عليمٌ } عظيم العلم بأحوالكم وغيرها { حكيمٌ } عظيم الحكمة فيما شرع لكم من المصالح ، وفى جميع أفعاله .