Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 8-9)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فلمَّا جاءَهَا } أى النار لا الشجرة إذ لم يجر لها ذكر ، وذلك مجاراة على ظنه أن ما رأى نار فلا يقال : إن الله يعلم انها ليست ناراً فكيف يقول : فلما جاء النار { نودِىَ } أى موسى من جانب الطُّور { أن بُوركَ } أن مخففة ، واسمها ضمير الشأن ، لأنها قد تكون بلا فصل بقد ، ولا بالسين ، ولا سوف ، ولا حرف النفى ، والباء مقدرة أى نودى بانه بورك ، والكلام إخبار بالبركة ، لا دعاء بها لا تفسيرية ، وإلا بقى بلا منادى من أجله ، وأيضاً النداء غير البركة ، ويجوز ان تكون إن هى المصدرية الداخلة على الماضى ، كقوله تعالى : { أنْ كان ذا مال } [ القلم : 14 ] بل هذا أولى وان جعلنا بورك دعاء من ملك أو صورة دعاء ، فلا إشكال فى جعلها مخففة لعدم اشتراط الفصل إلا ما لم أزل ألهج به من عدم جواز دخول حرف المصدر على الطلب ، لأنه لا خارج له يعبر عنه بالمصدر . { مَنْ } نائب الفاعل { فى النار ومَنْ حَولها } أى من فى مكان النار ، ومن حول مكانها ، وهم الأنبياء الموتى المقبورون ، والمراد أرض الشام ، وهى محلهم ، ومكان النار نفس الموضع الذى فيه ، فحذف المضافان ، ويدل لما ذكر قراءة أبى : تباركت الأرض ومن حولها ، وقد قال الله عز وجل : { نودى من شاطىء الوادى الأيمن فى البقعة المباركة } [ القصص : 30 ] وتلك الأرض الشام كلها ، وهى مبعث الأنبياء ، وقبورهم ، وتكليم موسى ، وقيل مَنْ فى النار موسى ، ومن حولها الملائكة الحاضرون ، وقيل : من فى النار الملائكة بالتسبيح والتهليل ، ومن حولها موسى إذ هو حادث عليها ، وقيل : من فى النار الله سبحانه ، ومن حولها موسى والملائكة . ومعنى كون الله عز وجل فى النار أنه الخالق لها فى ذلك المحل ، المالك ، ومعنى كونه بورك ، أنه نزه عن الحلول وصفات الخلق ، وذلك أنه نادى موسى وأسمعه من جهتها ، وفى التوراة : جاء الله من سيناء ، وأشرف من ساعين ، واستعلى من جبال فاران . ومعنى مجيئه من سيناء مجىء موسى منه ، وإشرافه من ساعين مجىء عيسى ، واستعلاءه من جبال فاران مجىء محمد عليه وعليهما السلام ، وفاران مكة ، او المراد بورك موسى والملائكة ببركة النار ، وقد قيل : إنها نور حسبها موسى ناراً ، أو الظرفية مجازية فتفنى عن تقدير المضافين بالقرب التام . { وسبحان الله } سبح الله تسبيحاً { ربِّ العالمين * يا موسى } أى نزه الله يا موسى عن صفات الخلق من الحلول فى مكان وزمان ، والتشخص ، والنطق ، والخرس ، والجوارح ، حذره عن التشبيه حين سمع كلامه ، فانه كلام خلقه الله فى الشجرة ، او فى الهواء ، أو فى جسم موسى ، أو تكلم به ملك عنه تعالى ، وليس ذلك خبراً من الله ، بل أمر ولا حاجة الى جعله تعجباً على تقدير القول ، أى وقال سبحان الله ، نعم يجوز ان تكون تعجيباً وهو صادق بتفسيرى ، ولا ينافيه فإن أره بالتنزيه تعجيب ، نعم يجوز أن يكون ذلك من كلام موسى ، اى سبحت الله تسبيحاً ، وإذا علقنا يا موسى بما قبله كانت الفاصلة الحكيم ، وإن علقناه بما بعده ، كانت الفاصلة العالمين . { إنَّه أنا اللهُ العَزيزُ الحكيمُ } القادر على الأمور العظام لكمال عزة ، كالعصا واليد البيضاء الممهد لذكرهما بعد ، كما ترى الحكيم فى أفعاله وأقواله ، والهاء للشأن ، ويجوز عند بعض عودها الى المكلم المنادى بكسر اللام والدال ، وهو الله ، فيكون أنا خبر ، أو ذلك يؤخذ من المقام ، كما أخذ معنى الهاء فى يرضه من لفظ تشكروا ، لا مراعاة للفاعل المحذوف عند البناء للمفعول ، مع أنه قدير أعنى ومن مراعاته قوله تعالى : { يسبح له فيها بالغدوّ والأصال رجال } [ النور : 36 ] فى قراءة البناء للمفعول ، أى يسبح له رجال ، والآيات تشير لموسى ، والمانع يريد تحقيق المقام والجرى على الأصل .