Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 19-19)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ واقْصِد في مَشْيك } توسط فيه لا تسرع الا لغرض صحيح ، ولا تتباطأ كذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن " اى هيبته وجماله ، وذلك انه يعد ذلك منه خفة ، ولو لم تكن فيه فيحتقر ، وقد يتغير البدل بالسرعة فيزول بهاؤه ، قال ابن مسعود : كانوا ينهون عن خبيب اليهود ، ودبيب النصارى ، وراى عمر رضى الله عنه رجلا متماوتا فقال : لا تمت علينا ديننا اماتك الله تعالى ، وراى رجلا متطأطئ راسه فقال : ارفع راسك ، فان الاسلام ليس بمريض ، ورأت عائشة رضى الله عنها رجلا كاد يموت تخافتا فقالت : ما لهذا ؟ فقيل : انه من القراء ، فقالت : كان عمر رضى الله عنه سيد القراء ، وكان اذا مشى اسرع ، واذا قال اسمع واذا ضرب اوجع ، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الاسراع ، ولو لادراك الامام ، وقال : ما ادركت فصل وما فات فاستدركه . { واغْضُض مِن صَوْتك } انقض من صوتك الجهير : فتعدى بمن على التضمين والتأويل ، ويتعدى ايضا بنفسه وهو الاصل ، ومنه قوله تعالى : { يغضون أصواتهم } [ الحجرات : 3 ] فلا يبالغ فى الجهر الا لغرض صحيح ، ومنه الاذان والانذار من العدو ، ويقال رفع الصوت فى غاية الكرامة ، ويروى ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله يعجبه ان يكون الرجل خفيض الصوت ، ويكره ان يكون جهير الصوت ، ويظهر ان المبالغة فى الجهر تشوه الوجه ، فيذهب بهاؤه ، وتركه اوفر للمتكلم ، وابسط لنفس السامع وفهمه ، والآية شاملة للعطاس ، فان ما يسمع منه صوت فينبغى خفضه ما أمكن ، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت بالعطاس ، وذكر الغض بعد القصد فى المشى ، لان يتوصل برفع الصوت اذا عجز عن التوصل الى المطلوب بالمشى ، فليتوصل اليه بالمشى الا ما خيف فوته ، او ما دعا اليه غرض صحيح . { إنَّ أنكر الأصْوات } لان انكر اصوات الحيوانات اسم تفضيل من المبنى للفاعل ، كما هو شائع المقيس من معنى قولك : نكر الشئ بضم الكاف صعب ، اى ان اصعب الاصوات على القلوب والاسماع ، كما قال الله تعالى : { إلى شيء نكر } [ القمر : 6 ] والجهر يضر سمع السامع ، واما ان قلنا : من نكر بالبناء للمفعول او من انكر كذلك بالهمزة بمعنى اقبح الاصوات فشاذ ، حيث بنى من المبنى للمفعول ، او من الرباعى المبنى ايضا للمفعول { لَصوت الحَمِير } اسم جمع كما قال السهيلى ، لا جمع كما قال غيره ، فرافع الصوت فى غير محل الرفع كالحمار فى القبح ، ولا استعارة فى ذلك ، وان اريد بصوت الحمير اصوات الرافعين لا صوت الحمير ، كانت الاستعارة ، اى انكر الاصوات اصوات هؤلاء الرافعين اصواتهم ، وسماهم حميرا . ومقتضى الظاهر ان انكر الاصوات لاصوات الحمير بجمعهما ، او انكر الصوت لصوت الحمار بافرادهما ، ولكن قال صوت الحمير اشارة الى ان اصوات الحمير كصوت واحد لقوة تشابهها ، ولان المراد بيان صوت هذا الجنس ، لا صوت كل فرد منه ، وجمع الحمار مع هذا مبالغة فى التنفيرفان صوت حمر بمرة اشد قبحا ، ولا يخفى ان المنكر صوت ذلك الجنس ، ولو من فرد منه ، والجملة من كلام لقمان ، وقيل من كلام الله سبحانه وتعالى ردا على المشركين ، اذ يتفاخرون بجهر الصوت ، كما قال شاعرهم : @ جهير الكلام جهير العطاس جهير الرواء جهير النعم ويخطو على العم خطو الظليم ويعلو الرجال بخلق عمم @@ قال سفيان الثورى : صياح كل شئ تسبيح الا صوت الحمار ، فانه يصيح لرؤية الشيطان ، وكثيرا ما يرى يصيح عند رؤية حمار ولعل مع الحمار الذى يرى شيطانا او تارة لحمار وتارة لشيطان .