Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 20-20)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ألم تَروْا أن الله سخَّر لَكم ما في السَّماوات وما في الأرض } رجوع الى خطاب المشركين على اصرارهم بعد ذكر وعظ لقمان ، والتسخير التسهيل ، والادلال لشئ الى المطلوب سواء كان الشئ حيا يمكن امتناعه ام لا كالحيوانات والملائكة النافعين بسوق المطر مثلا والمعادن ، والشمس والقمر والنجوم ، والرياح والليل والقمر { وأسْبغ } اوسع { عليكم } لكم او أكثر نعمه حتى صارت كالشئ المستعلى فوقنا بعد التجلل من جوانبنا { نِعَمه } ما أنعم عليكم به ، والمفرد نعمة ، واصله المعنى المصدرى ، وهو التلذذ ، واطلق اسم المسبب على المسبب ، فان ما انعم به علينا سبب للتلذذ والنعمة ، بمعنى ما انعم به هى شئ ينتفع به ، ويستلذ ولم اقل امر ينتفع به ، ليشمل الشئ ما هو جسم ، والامر لا يشمله الامجازا ، ولم ارد تحمد عاقبته كما زاده بعض ، لان ما ينتفع به نعمة ، سواء حمدت عاقبته بان شكرت مثلا ولم تضر او لم تحمد بان كانت تضر بعد ، او كفرت فالماء او اللبن المستلذ نعمة ، ولو كان يتضرر به بدن شاربه . والنعمة التى لم تشكر يعاقب عليها ، ولا يخرجها العقاب عن كونها نعمة ، وانما ذلك امر شرعى فالكفار منعم عليهم كما هو نصوص القرآن ومن اشترط ان تكون العاقبة محمودة قال : هم غير منعم عليهم ، وهو خطأ ، وقال بعض : النعمة المنفعة المفعولة على جهة الاحسان الى الغير وقال بعض : المنفعة الحسنة المفعولة على جهة الاحسان الى الغير ، قال بعض المحققين : الاولى اسقاط لفظ الحسنة ، لجواز ان يستحق الشكر بالاحسان ، وان كان فعله محظورا لان جهة الشكر كونه احسانا ، وجهله الذم والعقاب الحظر ، فالفاسق يستحق الشكر لاحسانه ، والذم لمعصية الله تعالى . { ظاهِرةً } محسوسة معروفة كقوة البدن ، وكالأموال والأولاد ، وظهور الاسلام ، والنصر على الاعداء ، وحسن الصورة ، وامتداد القامة ، وتسوية الاعضاء ، والسمع والبصر ، وغير ذلك من نعم الدنيا { وباطِنةً } كالامداد من الملائكة ، ومعرفة الله تعالى ، والقلب والعقل والفهم ، ونعم الآخرة ، وقيل : الظاهرة ارسال الرسل وانزال الكتب ، والتوفيق للاسلام ، والثبات عليه ، والباطنة ما اصاب الارواح فى عالم الذر من النور ، وعن على : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " الظاهرة ما سوى من خلقك ، والباطنة ما ستر من عورتك " . والمراد التمثيل ، كما يدل له ما فى البيهقى ، عن ابن عباس ، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " الظاهرة الاسلام وما سوى من خلقك ورزقه ، والباطنة ما ستر من مساوئ عملك " والمراد أيضا التمثيل ، ومعنى قوله : ما ستر من مساوئ عملك ستر ما ستر من مساوئه ، او ما مصدرية اى ستره من مساوئه ، اى الواقع منها ، ويدل لهذا ما فيه من طريق مقاتل الظاهرة الاسلام ، والباطنة ستر المعاصى ، وفى رواية : اما ما بطن فستر مساوئ عملك ، وفى دعاء موسى عليه السلام : الهى دلنى على اخفى نعمك ، فقال تعالى : اخفاها النفس ، وقيل : اخفاها تخفيف الشرائع ، واكثار الثواب ، وصرف البلاء ، وقبول الخلق ، ورضا الرب . { ومن النَّاس مَن يُجادل في الله } فى شأن الله عز وجل من وحدانية وقدرة على البعث وغيره ، ينكرون ذلك على الرسول عليه الصلاة والسلام ، كالنضر بن الحارث ، وأبى بن خلف ، والجدال الكلام على طريق المغالبة من معنى الجدال الذى هو المطارحة على الجدالة ، وهى الارض ، وإذا غلبه بالكلام فكأنه طرحه على الارض ، او من معنى الجدال الذي هو المغالبة فى احكم حبله بالفتل ، فكل منهما يريد ان يكون اشد احكاما لحبله ، وكل من المتغالين بالكلام يريد ان يكون كلامه اثبت من كلام الاخر ، واظهر لفظ الجلالة مع تقدمه وتقدم الاضمار له ، تهويلا لامر الجدال فيه تعالى . { بغْير علمٍ } بدليل عقلى { ولا هُدىً } ولا دليل شرعى من رسول { ولا كتاب منيرٍ } واضح الدلالة ، منقذ من ظلمة الجهل ، بل يجادلون بمجرد ما يشتهون ، وبمجرد التقليد .