Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 11-11)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أن اعْمَل سابغات } دروعا سابغات ، أى واسعات ، وادعى بعض المحققين أن السابغات اسم لتلك الدروع بلا تقدير موصوف ، وأن مفسرة لقوله : { ألنَّا } [ سبأ : 10 ] لتضمنه معنى القول دون حروفه ، كقولك : وضعت لزيد الطعام أن كل ، لما كانت الإلانة ظاهرة له عليه السلام فى عمل السلاح ، وهو فى معرض القتال ، والله حكيم صار بمنزلة قلنا له : اعمل لا مصدرية ، إذ لا خارج للأمر يؤخذ منه المصدر ، ولو قالوا ما قالوا ، والاعتذار عن الذنب أشد من الذنب . { وقَدِّر } وسط واقتصد { في السَّرد } نسج الحديد بعض ببعض ، استعارة من نسج الثوب ، وقيل اتباع شىء بمثله من جنسه ، وأنه حقيقة أى اجعل حلق الدروع متناسبة على مقدار معين دقة أو غلظة ، أو متناسبة بين الضيق وغيره ، لئلا ينال السلاح من الواسعة ، ولا تثقل شدة الضيق وكانت الدرع قبل داود صفائح ، وقيل : معنى تقدير السرد عدم صرف أوقاته فى عمل الدروع ، بل مقدار القوت ، وما فضل عن القوت ، فاعمل فيه العبادة ، وقيل لا تجعل مسامير حلق الدرع رقاقا فتفلت ، ولا غلاظا فتكسر الحلق . وكان يسأل الناسر متنكرا عن حال داود ليجتنب ما يعاب ، فيثنون خيرا ، فأرسل الله اليه ملكا فسأله فقال : نعم العبد لولا أنه يأكل من بيت المال لا من كسبه ، فسأل الله مكسباً ، فألان الله تعالى له الحديد يعمل الدرع فى بعض يوم ، أو بعض ليل ، وثمنها ألف درهم ، وقيل أربعة آلاف يصرف ثلث ثمنها فى مصالح الاسلام ، ويطعم المساكين ، ويروى أنه يبيع الدرع بستة آلاف درهم ، ألفان له ولأهله ، وأربعة آلاف يطعم بها بنى اسرائيل الخبز الحوارى ، ويروى يتصدق على الفقراء . { واعْملُوا صالحاً } خطاب لداود وآله ، ولو لم يجر لهم ذكر لدلالة ذكره عليهم ، أو خطاب لهم كقوله تعالى : { اعملوا آل داود شكراً } [ سبأ : 13 ] أو خطاب له بصيغة الجماعة تعظيما ، والعطف على اعمل سابغات ، فالجملة داخلة فى التفسير ، وما للنبى من المنة منة لأمته ، ولو اختص بها عنهم ، والانه الحديد له تشير الى أن يعملوا صالحا ، إذ يجاهدون بالدروع ، والمراد بعمل الصالح عمل العبادات مطلقا لا خصوص عمل الدرع خالية عن عيب ، كما يقال فيخص بداود عليه السلام { إنِّي بما تَعْملون بَصيرٌ } فأجازيكم عليه ، وذلك تعليل للأمر فى قوله : { واعملوا صالحا } لا لوجوب الأمر ، كما قال بعض المحققين لأنه لم يخبرنا أن الأمر واجب .