Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 12-12)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولسُلَيمان الرِّيح } عطف على داود وفضلا إلا أنه ذكر اللام لطول الفصل ، وكأنه قيل : آتينا منَّا داود فضلا وسلميان الريح عطفا على معمولى عامل ، وكما يقال : آتيته يقال : آتيت له ، أو عطف على ألنا له الحديد كلذك ، أى وألنا لسليمان الريح ، بمعى سخرناها له لا تعصيه ، ولا يتضرر بها ، وقدر بعض سخرنا لسليمان الريح ، وقيل : منصوب بسخر محذوفاً ، والعطف عطف على { لقد آتينا } [ سبأ : 10 ] عطف قصة على أخرى ، كانه أراد العطف على القسم المقدر وجوابه ، وأولى من هذا عطفه على مدخول قد ، فيتسلط عليه تأكيد القسم ، وتأكيد قد . { غدوُّها شَهْر } حال من الريح أو مستأنفة { ورواحُها شَهْر } قيل : غدوها مسير شهر ، ورواحها مسير شهر ، والمسير المقدر اسم زمان ميمى ، والغدو والرواح اسمان للزمان ، وأصلهما المصدر أى زمان سير شهر أى السير فى ذلك كالسير فى شهر ، أو قدر مسير غدوها مسير شهر ، ومسير رواحها مسير شهر ، والمسير فى هذا الوجه مصدر ، وأسهل من ذلك أن الغدو والرواح سيران صباحاً ومساء ، فيقدر سير قدر شهر فى الموضعين ، قيل : أعاد ذكر شهر لأن المقام بيان للمقادير ، والمقادير يغلب فيها الاظهار تقول : وزن هذا قنطار ، ووزن ذلك قنطار ، ولو أضمر كان استخداما كقوله تعالى : { وما يعمَّر من معمَّر ولا ينَقصُ من عُمره } [ فاطر : 11 ] أى من معمر المعمر ، وليس المعمر الثانى هو الأول ، مع رد الضمير للأول ، روى أحمد عن الحسن : أنه يعدو من بيت المقدس فيقيل فى اصطخر ، ويروح من اصطخر ويقيل بقلعة خراسان ، وذلك شهران فى يوم واحد للراكب المجد ، ويقال : يسير من دمشق ، ويقيل بإصطخر ، ويسير من اصطخر ويبيت بكابل مسيرة شهرين كذلك ، ويقال : يتغدى بالرى ويتعشى بسمرقند ، واصطخر من بلا فارس . { وأسلنا لهُ عَيْن القِطْرِ } صيرنا له عين القطر سائلا كما يسيل الماء من العين ، وسمى ما فى الأرض أو الجبل من الحديد والنحاس ، وهو جامد عينا على الاستعارة ورشحها بأسلنا ، والقرينة القطر وهو النحاس والحديد وغيرهما ، وسماه قطرا على طريق مجاز الأول من معنى قولك قطر الماء قطرا ، ولا مجاز فى الاسالة ، لأنها حقيقة فى كل مائع ، وقيل : عين بمعنى نفس الشىء ، والقطر اسم للنحاس ، كما تقول : ذات الشىء ، والمعنى على كل حال أسلنا له ذلك كلما شاء كل موضع أراد ، فيكون ما سال بالشمع يعمل فيه ما شاء ، فيرجع معموله الى أصله من الصلاة ، كما ألان الحديد لأبيه داود ، وان أراد تصرفا فى معموله بالنقص أو الزيادة أو التوسيع أو التضييق ، أو التغليظ أو الترقيق ، أو نحو ذلك كان لينا أيضا فاذا عمل ما أراد رجع صلبا ، وذكر السدى ، أنه أسالها الله ثلاثة أيام ، وعنه ومن مجاهد : ثلاثة أيام فى أرض اليمن ، وقيل : فى أرض صنعاء . { ومن الجنِّ مَن يعْمَل بيْن يَديْه بإذْن ربِّه } أى يعمل له بأمر ربه ما يشاء ، ومتى شاء أولا مفعول له ، وإنما المراد جعلنا له عمالاً أو عملة من الجن ، كما تكون من الإنس والعطف على عين القطر ، على حد : علفها تبنا وماء بارداً فأما أن يقدر وسخرنا له من الجن من يعمل أو يضمن ، أسلنا معنى سخرنا أو يسرنا ، وهذا لقربه أولى من العطف على { سليمان الريح } أو على { آتينا } [ سبأ : 10 ] ويجوز أن يكون من الجن خبرا ، ومن مبتدأ أو حالا من من ، ومن معطوفة على الريح أو غيره فما مر ، واقتصر بعض المحققين على عطفيه على { سليمان الريح } وذكر بين يديه إشارة الى انقيادهم وعدم غيبتهم عما يريد منهم . { ومَنْ يَزغْ } يمل { منْهُم عن أمْرنا } عن أمرنا إياه بالعمل لسليمان أو عن شأننا فى طاعته له { نُذقْهُ من عَذاب السَّعير } شيئا من عذاب السعير النار الدنيوية فى الدنيا ، كما يحرق على زيغه بنار الآخرة فى الآخرة ، قال السدى ، بيد سليمان سوط من نار يضرب به من عصاه من الجن ، وإنما يهلك بالنار مع أنه لشدة هذه النار على ناره ، ولأنه ليس نارا محضة ، بل هى أغلب عناصره ، وقال الأكثر : المراد نار الآخرة .