Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 26-27)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ثمَّ أخذتُ الَّذين كَفَروا } أهلكتهم بالحجارة أو الصاعقة ، أو بالصيحة أو الخسف ، أو الاغراق وغير ذلك ، ولم يقل : ثم أخذتهم ، لصريح بموجب الأخذ { فكيْفَ كان نكير } تهويل لذلك الأخذ . { ألم تَرَ } ألم تعلم يا من يصلح للعلم ، أو ألم تر بعينك أثر الانزال كما قال : { أن الله أنزل من السَّماء ماء } إلخ مناسب للنكير فى العظم ، كيف يعصى من عظم أخذه ونكيره ، وقدر على إنزال الماء ، واخراج الثمرات به ، ومن خلقه الجبال والناس ، والدواب والأنعام المختلفة فى أنفسها ، ومع غيرها ، وهكذا كلما كانت الرؤية بصرية ، وسلطت على ما لا يدرك بالبصر ، تكون الرؤية مسلطة على الأثر ، وفى سورة أخرى : { فتصبح الأرض مخضرة } [ الحج : 63 ] بقاء التراخى كثم مجازا أو مجرد الترتيب والسببية ، والمعنى فتصير وليس المراد ضد الامساء ، وورد مشاهدة نبات الأرض صبحا بماء ليلة أو أمسه فى الحجاز ، والآية أيضا مناسبة فى الاختلاف لاختلاف الناس ايمانا وكفرا ، واختلاف تلك المثل ، ومقررة للوحدانية بأدلة سماوية وأرضية ، ومقررة للآيات المعجزات المذكورة ، فكذا فى قوله عز وجل : { فأخْرجنا به ثمراتٍ مُخْتلفاً أَلْوَانُها } الفاء للتراخى مجازا ، أو لمجرد الترتيب والسببية ، واختلاف ألوانها اختلافها بالصفرة والحمرة ، والسواد والخضرة وغيرها ، كما هو الظاهر المروى عن ابن عباس المناسب لقوله عز وجل : { ومِن الجبال } بخلقه عز وجل : { جُدَدٌ بيضٌ وحُمْر } وقوله : { وغرابيب سود } أو ألوانها أنواعها ، تقول : لفلان ألوان من العلم أو الطعام أو الكلام ، أى أنواع من ذلك ، وكل نوع من الثمرات مختلف فى أفراد أو مختلف مع النوع الآخر طعما ورائحة ولذة وهيئة كما قال : { مختلف ألوانها } أى أنواعها بالشدة والضعف ، والقصر والطول ، ولا بأس بادراج نحو الصفرة والحمرة والخضرة ونحوها مع الأنواع فى الموضعين ، لأن الصفرة نوع ، والحمرة نوع ، والكدرة نوع وهكذا ، العطف عطف قصة على أخرى ، وفيه ارتبط بحسب المعنى ، وهو أنه خلق جبالا بيضا وحمرا وسودا ، كما أخرج ثمارا مختلفة الألوان ، وجدد جدة كغرفة وغرف ، وهى الطريقة المخالفة لما يليها لونا من جده بمعنى قطعه . وفى ذلك مبالغة ، إذ جعل الجبل نفس الجدد حضا على التفكر فى شأنها ، أو يقدر منعوت ونعت ، أى جبال ذوات جدد ، أو جبال ذات جدد أو اعتبر التبعيض فى نفس افراد جبال ، فإن الجدة بعض من الجبل ، وكأنه بعض الجبل جدد ، وبعض الجبل جدد ، ومختلف نعت لجبال المقدر إذا قدرناه ، أو نعت لحمر باعتبار منعوته ، وقدر مثله لبيض أو نعت جدد وألوان فاعل مختلف . { وغَرابيِبُ } عطف على حمر ، أو على بيض باعتبار منعوته ، فالغرابيب جدد أو على جدد ، فالغرابيب غير جدد ، بل نفس الجبال ، السود ، والمفرد غربيب وهو الجبل الشديد السواد ، يقال : أسود حالك ، وأسود غربيب ، وأبيض يقق ، وأصفر فاقع ، وأحمر قانىء ، ولا يلزم أن يكون غربيب نعتا لأسود ، بل يجوز استعماله غير نعت مثل هذا الجبل غربيب ، ولا أن يكون للجبل بل يستعمل للجبل وغيره ، ففى الحديث : " إن الله يبغض الشيخ الغربيب " أى الذى يخضب بالسواد ، أو لا يهتم بأمر الدين والآخرة ، فلم تشب لحيته لتفسحه فى دنيا التى قل تكدرها : وقال شاعر : @ العين طامحة واليد شامخة والرجل لائحة والوجل غربيب @@ { سُودٌ } نعت توكيد للخاص بالعام قيل : أو بدل أو بيان .