Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 9-9)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وجَعَلنا مِن بيْن أيديهم } قدامهم { سدا } عظيما مانعاً من قبول دين الله باختيارهم { ومِنْ خْلْفِهِم سداً } كذلك ، وذكرهما كناية عن جميع الجهات ، وأيضا كفى عن ذكرهن قوله تعالى : { فأغشيناهم } غطيناهم ، والفاء لمجرد الترتيب ، إلا أنه يحتمل أن المراد أغشيناهم بالسدين ، فتكون للتفريع { فهُم } بسبب ذلك { لا يُبْصرُون } الحق بسوء اختيارهم ، فان تصميمهم على الكفر كالأغلال ، واستكبارهم عن قبول الحق كالإقماح ، إذ فيه إذ فيه رفع الرأس ، وعدم النظر فى أحوال من قبلهم كسد من خلفهم ، وفيما يستقبل كسد من قدامهم ، وفى جمع الأيدى الى الأعناق تلويح الى منع التوفيق حين استكبروا ، لأن المتضع يضع عنقه ولا يرفعه ، وفى الاقماح تلويح الى أنهم لم ينظروا فى شأن أنفسهم ، فان المقمح لا ينظر بدنه ، وفى السد تلويح بأنهم لا ينظرون الى آيات الآفاق الدالة على الوحدانية ، وفى أنا جعلنا إلخ تشبيه لتصميمهم على الكفر بربط الأيدى الى الأعناق ، وجعل الأغلال فى الأعناق فى النار مستقبل ، والماضى لتحقق الوقوع . أو المعنى قضينا بجعل الأغلال فى أعناقهم ، ومثل قوله { لا يبصرون } قوله عز وجل : { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا } [ الإسراء : 97 ] وقوله تعالى : { قال رب لم حشرتني أعمى } [ طه : 125 ] وفى النار والمواقف مواطن ، فتارة يبصرون ليعاينوا عذابهم وقبحهم وإخوانهم ، قوله عز وجل : { فبصرك اليوم حديد } [ ق : 22 ] إن لم يفسر بالإدراك ، وليس المقام لذكر الإنفاق حتى يفسر جعل الأغلال فى الأعناق كناية عن عدم الإنفاق كقوله تعالى : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك } [ الإسراء : 29 ] ولا بد من تفسير الآيات بما ذكر من وجوه الدين والآخرة مع ما طابقها من وقائع الحال فى الدنيا ، مثل ما روى أنه صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة ، فقام قوم من قريش ليأخذوه ، فجمعت أيديهم الى أعناقهم ولا يبصرون ، فأنشدوه الله تعالى ، وما فى قريش بطن إلا وله صلى الله عليه وسلم قرابة فيهم ، فدعا الله فشفاهم من ذلك ، وإن أبا جهل لعنه الله ، أخذ حجرا ليضربه فى الصلاة فألزق فى يده حين دنا ، وانثنت يده الى عنقه ، فرجع وما فك إلا بجهد ، فأخذه مخزومى آخر ، فلما دنا عمى ، فنادى أصحابه فرجع بأبصره ، وقد سمع صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما رآه وقال : رأيت فحلا يخطر بذنبه لو دنوت لأكلنى ، فأخذه مخزومى آخر فرجع ينكص حتى وقع على قفاه مغشيا عليه ، فأخبرهم أنه رأى فحلا أعظم ما يكون يخطر بذنبه حين دنوت ، لو لم أرجع لأكلنى فنزلت الآيات لذلك كله .