Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 67-67)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وما قَدَرُوا الله حقَّ قدْره } ما أعطوه حق شأنه ، وهو القدر الذى يستحقه قاله المبرد بالمعنى كما تقول مقدار فلان ، ورتبة فلان ، ونصيب فلان ، الا أن الله سبحانه لا يوصف بالمقدار ، والارتبة والنصيب ، وليس قول المبرد خارجا عن قولك : ما عظموا الله حق عظمته ، وقولك : ما وصفوا الله حق وصفه ، وذلك أنهم طلبوا شركة آلهتهم بالعبادة بالمسح ، وقالوا : هو عاجز عن البعث ، وقالوا : خلق الخلق لا لحكمة ، ولا ليعبدوه وحده ، وهم قريش ، لأن الكلام فيهم ، وقيل : المراد اليهود اذ وصفوا الله بالجسم والأعضاء والحلول . { والأرْضُ جَميعاً } حال من المبتدأ على جوازه وعلى المنع يقدر له ناصب من جملة معترضة أى أثبتها جميعا ، فجميعاً حال من ضمير النصب فى أثبتها ، أو حال من ضمير فى نعت مقدر ، أى والأرض المعتبرة جميعا ، أو المقصودة جميعا ، أو حال من المستتر فى قبضته ، لأنه مصدر مراد به اسم المفعول ، أى مقبوضته ، ولا مانع من تقديم معموله ، لأنه ليس على معنى انحلاله الى الفعل ، وان المصدرية ، ولأنه بمعنى مفعول ، ويجوز أن يراد بالأرض الأرضون ، والاعراب واحد ، وجاء الأرضون فى الحديث تفسيرا لقبض الأرض ، فتعين التفسير بهن . { قبْضَتهُ } أى ذات قبضة له ، أو مقدار الأرض قبضته ، أو بمعنى مقبوضة أى مطوية ، كما جاء فى الحديث ، ويجعل الله بدلها إذا طويت أرضا بيضاء خبزة فى حق المؤمن ، يأكل منها لا فى حق الكافر كذا قيل ، وذلك قبض طى واختلاف تحقيقا لقوله تعالى : { يَوْم القيامة } وفيه مع ذلك التصريح بقدرته ، وليس المراد بيان القدرة فقط ، وإلا لم يذكر يوم القيامة ، لأنه قادر قبل وبعد ، ويجوز أن يراد الملك ، وذكر اليوم لأنه وقت الهول ، بمعنى لاتصرف لأحد فيه كما قال : { الملك يومئذ لله } [ الحج : 56 ] . { والسَّماوات مَطوياتٌ } تطوى وتفنى على حد ما مر فى الأرض { بيمينِه } بقدرته ، وقيل : بقسمه لأنه سبحانه وتعالى أقسم أن يفنيها ، وهو قول ضعيف ، والصواب أن الطى على ظاهره لا بيان لقدرته وملكه فقط ، دون طى حقيق ، ففى الطى الحقيق جرى على الظاهر ، واظهار للقدرة ، وذكر القبضة واليمين مراد بهما القدرة خطابا لنا بما نفهم ، لأن أفعالنا بالأيدى ، ولما كانت السماوات أفضل من حيث اعتبار الوسع والعلو ، ذكرها باليمين لأنها أقوى فى العمل ، ولأنها المستعملة فيما يكرم ، وكأنه قال الأرض قبضته باليمين سبحانه عن صفات الخلق ، وطى السماوات قبل طيه الأرض ففى مسلم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يطوى الله تعالى السماوات يوم القيامة ، ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ ثم يطوى الأرضين بشماله ثم يقول : أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ " والمراد القدرة ، وفى مسلم عن ابن عمر حكاية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريك يديه ، لأخذ الله السماوات والأرض بيديه وأصابعه ، يقبض الله أصابعه ويبسطها ، وهو موضوع ، وإن صح فتمثيل للقدرة ، ومثل ذلك فى البخارى والنسائى ، وابن ماجه ، وذكرت اليهود ذلك على ظاهره من التجسيم ، فنزلت الآية فيهم { وما قدروا الله حق قدره } أو نزلت فى غيرهم كما مر لا بهذا المعنى . ولما قال اليهود ذلك ، قل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وما قدروا الله حق قدرة } قالوا يحمل السماوات على أصبع والأرضين على أصبع ، والشجر على أصبع ، والماء والثرى على أصبع ، وسائر الخلق على أصبع ، وفى الترمذى والبيهقى : مر يهودى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : كيف تقول يا أبا القاسم اذا وضع الله السماوات على ذه ، وأشار بالسبابة ، والأرضين على ذه ، والجبال على ذه ، وسائر الخلق على ذه ، يشير بأصابعه ؟ يعنى عن الترتيب من السباتة ، فأنزل الله تعالى : { وما قدروا الله حق قدره } . { سُبحانه وتعالى عمَّا يُشْركُون } عن اشراكهم ، أو عما يشركونه من الآلهة ، والأول أولى ، لأنه أعم يدخل فيه الاشراك بغير الآلهة كالوصف له تعالى بالأصابع واليدين ، والجنب تحقيقا لا مجازا .