Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 95-95)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ } عن الحرب والمال ، وقوله والمال على حذف المضاف تقديره وإنفاق المال ، أوعن الحرب مع إنفاق المال فيها ، كمر كوب وسلاح وزاد وفى البخارى هم القاعدون عن بدر ، رواه عن ابن عباس ، وقيل المتخلفون عن تبوك ، إذ تخلف عنها كعب بن مالك من بنى مسلمة ، ومرارة بن الربيع من بنى عمرو بن عوف ، والربيع وهلال بن أمية كلاهما من بنى واقف { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ } من ضعف ، أو هرم أو عمى ، أو عرج أو قعود مع الوالدين المحتاجين إليه ، أو عدم ما يغزون به ، لما رجع من غزوة تبوك ودنا من المدينة قال : " إن بالمدينة لأقواما ، ما سرتم من مسير ، ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه قالوا : يا رسول الله وهم بالمدينة ، قال : نعم ، وهم بالمدينة ، حبسهم حابس العذر " ، أى لصحة تعلق نياتهم بالجهاد ، كما قال عز وجل : ليس على الضعفاء إلى قوله عز وجل : إذا نصحوا لله ورسوله كما قال : { ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا } [ التين : 5 ، 6 ] الخ ، فمعناه أن من نوى عمل خير فمنعه مانع يكتب له أجره ، ويقول للملائكة اكتبوا له أحسن ما كان يعمل ، فأنا قيدته ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " نية المؤمن خير من عمله فله ثواب ألف عام لما نواه نية صحيحة " { وَالمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } قال زيد بن ثابت نزلت الآية أولا هكذا لا يستوى القاعدون من المؤمنين و المجاهدون فى سبيل الله الخ بدون ذكر قوله غير أولى الضرر ، فقال ابن أم مكتوم فكيف وأنا أعمى يا رب ، أين عذرى يا رب ، أين عذرى ، بمعنى أنه يطلب أن يعذر ، فغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مجلسه الوحى ، فوقعت فخذه على فخذى ، فخشيت أن ترضها ، أى تكسرها ، ثم سرى عنه ، أى زالت عنه شدة الوحى ، فقال : اكتب ، لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أُولى الضرر المجاهدون فى سبيل الله ، بأموالهم وأنفسهم ، بزيادة غير أُولى الضرر ، قال زيد بن ثابت : ما جف قلمى وأنا اكتب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قول ابن أم مكتوم حتى قال اكتب يا زيد غير أولى الضرر ، نفى الله الاستواء بينهم ليرغب الناس عن القعود ويأنفوا عن انحطاط رتبهم ، ومعلوم أن التفاوت يرفع المجاهدين عن القاعدين لا بانحطاطهم ، لم يقل والخارجون فى سبيل الله ، مع أنه أنسب بقوله لا يستوى القاعدون قدحا لهم وتصريحاً بموجب المزية ، ولأن القعود كان قعوداً عن الجهاد ، وأخر ذكر المجاهدين عن القاعدين ليتصل التصريح بفضلهم بهم ، ووضح ذلك تأكيداً فى الترغيب بقوله { فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً } بدل اشتمال على حذف الرابط ، أى درجة لهم ، أو تمييز عن المفعول ، أى فضل الله درجة المجاهدين ، أو مفعول مطلق بمعنى تفضيله ، وقدر بعض فى درجة ، وبعض بدرجة ، وبعض ذوى درجة { وَكلاًّ } من القاعدين والمجاهدين { وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى } الدار الحسنى ، أو المثوبة الحسنى ، وهى الجنة لإيمانهم مع إخلاص ، ومع كون الجهاد على الكفاية فى المسألة إلا أن للمجاهدين فضلا عليهم لمزيد عملهم { وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً } إعرابه كدرجة ، أو ضمن فضل معنى أعطى ، أى أعطاهم زيادة على القاعدين أجراً عظيما ، وهذا تأكيد آخر ، ودعا إليه ذكر ، وكلا وعد الله الحسنى ، والأجر العظيم الدرجة المذكورة .