Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 10-10)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَجَعل } قيل العطف على خلق ، وفيه الفصل بجملتين مشوشا للذهن ، مورثا لصعوبة فهم معنى الأصل ، ولو كان قوله : { وتجعلون } الخ بمنزلة لتكفرون بالذى خلق الخ فهما كواحدة ، وقوله : { ذلك رب العالمين } [ فصلت : 9 ] مؤكد لمضمون الكلام ، كما رأيت فى تفسيره آنفا ، والأقرب العطف على محذوف أى خلقها وجعل { فيها رَواسِيَ } جبالا راسية أى ثابتة { مِنْ فَوقها } متعلق بجعل ، أو نعت لرواسى ، أو لمنعوته ، وانما صح النعت على طريق قولك : ان الرواسى الثابتة من فوقها ، هو جعلها وفائدته قوله : " من فوقها " أنها فوقها لا تحتها ، كالعمد لها ، ولا مغرورة فيها كالمسامير ، ليتوصل بارتفاعها الى مصالح واعتبارات ، وغرز بعض أسفلها لا ينافى أنها من فوقها لقلته ، فانها أنزلت الجبال تعد خلق الأرض ، وغرز قليل من أسفلها أو دفن . { وباركَ فيهَا } كثر خيرها بالانبات ، وخلق المعادن والجواهر والحيوان ، ومنه الانسان { وقَدَّر فيها أقْواتها } جعل الأقوات مقادير مخصوصة ، وأضافها لضمير الأرض ، لأنها فى الأرض أويقدر مضاف ، أى أقوات أهلها ، وقيل الأقوات الأمطار والمياه ، فانها قوت للأرض تشربها ، فتلد الثمار النافعة ، وما ينتفع به مما تأكيل الدواب والخشب والحطب ، وعن عكرمة أنها ما خص به كل اقليم من الملابس والمطاعم والمشارب والبنات ، مما تعمر به الأرض ، كما قرىء : { وقسم فيها أقواتها } وقيل : خلق فى كل بلدة ما لم يجعل فى الأخرى لنتفعوا بالتجر ، وقيل : قدر البر لأهل أرض ، والتمر لأهل أرض ، والذرة لأهل أرض ، والسمك لأهل أرض . { في أرْبعةِ أيَّامٍ } متعلق بقدر على مذهب أبى حنيفة فى القيدين متعاطفين ، أو متعاطفات أنه يعود الى الاخير ، والذى يظهر أنه للكل ، لأن عاملها واحد حتى يدل دليل على تخصيص ، ويجعل ذلك من باب الحذف ، أو من التنازع ، واذا لم يصلح العامل لكل على حدة قدر ما يعم ، مثل أن يقدر هنا حصل مجموع ذلك فى أربعة أيام ، ثم رأيته قولا للشافعى ، قال الله تعالى : { خلق الأرض في يومين } [ فصلت : 9 ] ثم قال : { وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام } ثم قال : { فقضاهن سبع سماوات في يومين } [ فصلت : 12 ] وخالف ظاهر ذلك قوله تعالى فى آية أخرى : { في ستة أيام } [ الأعراف : 54 ] الجواب قيل : ان المراد فى تتمة أربعة أيام ، وتتمتها يومان ، وإلا كانت الأيام ثمانية ، وانما هى ستة بزيادة يومين على أربعة ، ومثل لذلك بقولك : سرت من البصرة الى بغداد فى عشرة أيام والى الكوفة فى خسمة عشر ، تريد تتمة عشرة كذا قيل ، وهو تخليط ، وانما الجواب ما يجىء بعد ان شاء الله تعالى . وعبارة بعض فى أربعة ايام مع اليومين الأولين المذكورين قبل ، ففى المثال خمسة عشر بعد العشرة المذكورة . { سواء للسَّائلين } مفعول مطلق لمحذوف نعت لأربعة ، أى مستوية للسائلين ، سواء أى استواء ، ويدل له قراءة يعقوب بجر سواء على أنه نعت لأربعة ، وفائدة سواء دفع الزيادة والنقص ، لأنه قد يذكر العدد ، والمراد دونه كقوله تعالى : { الحج أشهر معلومات } [ البقرة : 197 ] فانهن : شوال وذو القعدة تسعة أيام من ذى الحجة ، قيل : وليلة النحر ، والبسط فى الفقه ، تقول فعلته فى يومين ، وتريد أنه لم يستقل به يوم واحد ، بل أخذ من الآخر نصفا ، أو أقل أو أكثر ، فكأنه قيل : فى أربعة أيام كاملة ، وللسائلين متعلق بنعت محذوف جوازا ، اى سواء مهيأة للسائلين ، أى مستوية مهيأة للسائلين ، أى المحتاجين ، أو خبر لمحذوف ، أى ذلك للسائلين عن مدة خلق الأرض وما فيها ، أو متعلق بقدر بمعنى الطالبين للأقوات ، أو حال من الأقوات ، معنى الطالبين ، والمتبادر الثانى .