Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 12-12)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فقضاهُنَّ سَبْع سَمَاواتٍ } أى صيرهن سبع سموات ، والهاء للسماء ، وضمير الجمع باعتبار الخبر وهو المفعول الثانى ، كما يؤنث المبتدأ المذكر لتأنيث الخبر ، وقيل باعتبار أن السماء سبع ، وأنه اسم جمع ، وفيه أنه مثل قولك صير سبع سماوات سبع سماوات ، فيكون تحصيل الحاصل ، ولا يسيغه قوله تعالى : { في يَوميْن } لأن سبع سموات لا تنقلب سبع سماوات لحظة ، ولا أقل ولا أكثر ، وقد قال الله تعالى : { السماء الدنيا } فلو كان اسم جمع لم يقل ذلك ، فان المراد الأولى الواحدة ، اذ وصفها بالدنيا ، وقيل : قضى بمعنى فصل ، والكلام فيه كما مر ، الا أن سبع فيه حال مقدرة أو بدل من الهاء ، أو مفعول به ، أى قضى منهن سبع سموات ، فحذف من ، وقيل : تمييز للهاء ، وأن الهاء لمبهم مشعر التمييز بعده ، كقولك : ربهن نساء ، وربهم رجالا ، وربه رجلا ، وقيل : ليس فى الآية ترتيب بين ايجاد الأرض وايجاد السماء ، وانما الترتيب بين التقدرين ايجاد الأرض ، وقدير ايجاد السماء ، وأكثر المفسرين على قدم ايجاد الأرض على ايجاد السماء ، حملا للخلق ، وام عطف عليه من الأفعال الثلاثة على معانيها الظاهرة لا على معنى الحكم والتقدير والقضاء الأزلى ، وما يلزم على حملها على ظاهرها من خلاف الظاهر ، يدفع بجعل الترتيب اخباريا . وما صح ابقاؤه على ترتيب الحدوث حمل عليه ، كقوله : { ثم استوى إلى السماء } [ فصلت : 11 ] فالسماء بعد الأرض ، لا يغايره قوله تعالى : { خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى } [ البقرة : 29 ] الخ لأنه فى خلق ما فيها لا فى ايجادها ، وأما قوله تعالى : { أأنتم أشد خلقا } [ النازعات : 27 ] إلى قوله عز وجل : { ولأنعامكم } [ النازعات : 33 ] فالمقدم فيه خلق السماء وأحوالها على دحو الأرض لا على خلق الأرض ، أى دحا الأرض بعد ذلك دحاها ، أو اذكر الأرض دحاها الخ أو تدبر الأرض ، قال ابن عباس : خلق الأرض فى يومين قبل السماء ، وكانت السماء دخانا ، فسواها سبع سماوات فى يومين بعد خلق الأرض ، وجعل الجبال فى الأرض بعد خلق السماء ، وقد مر لك أن : فقضاهن " فى نية التقديم على { وجعل فيها رواسي } [ فصلت : 10 ] والفاء لترتيب الذكر ، قال صلى الله عليه وسلم : " خلق الله الأرض يوم الأحد والأثنين ، وخلق الجبال وما فيهن من المنافع يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء الماء والشجر ، والمدائن والعمران والخراب فهذه أربعة أيام فقال تعالى : { أئنكم لتكفرون } وقرأ الآية الى قوله تعالى : { في أربعة أيام سواء للسائلين } وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة " وظاهره خلق ما فى الأرض فى هذا الحديث قبل خلق السماء ، بمعنى التقدير والتدبير ، وخلق المادة لا الايجاد ، الا ترى أنه ذكر العمران والخراب ، ولا وجود لهما حينئذ فما ذلك الا التقدير . وعن أبى هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلق الله تعالى التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق ، فى آخر ساعة " وذلك تقدير لا إيجاد ، والحديث ظاهر فى أن أول الأسبوع يوم السبت ، وهو الظاهر ، وعليه الجمهور ، ويروى عن ابن عباس : أن أوله الأحد ، وروى الطبرى ، عن أبى بكر عنه صلى الله عليه وسلم : " خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، وخلق المدائن والأقوات والأنهار والعمران والخراب يوم الأربعاء ، وخلق السَّماوات والملائكة يوم الخميس الى ثلاث ساعات أى من يوم الجمعة ، وخلق فى أول ساعة الآجال ، وفى الثانية الآفة ، وفى الثالثة آدم واليهود لعنهم الله " على أن أول الأسبوع الأحد احتجاجا بما يدعون أنه فى التوراة ، وبظاهر الأسماء ، وللعرب أسماء أخر : أو وأهون ، وجبار ودبار ، ومؤنس وعروبة وشبار . وقال مقاتل وجماعة : خلق السماء قبل الأرض ودحوها وأولوا آية تقدم الأرض بتقدمها حكما وقضاء بأن نستوجد كقوله تعالى : { إن مثل عيسى عند الله } [ آل عمران : 59 ] الخ ، وكذا فى " بارك " وما بعده ، أو يأول خلق الأرض فيها بالإرادة ، وثم للتفاوت الرتبى ، ويقال : المقام هنا وفى سورة البقرة مقام تعدد النعم والامتنان ، فقدم ما هو أقرب النعم الى المخاطبين ، والمقام فى النازعات لبيان كمال القدرة بقدم ما هو أدل على كمالها ، ويتم هذا الكلام بجعل الترتيب ذكريا أو لتراخى الرتبة ، والايجاد والتقدير . والظاهر أن ما هنا احتجاج لا امتنان ، وعن الحسن أن الله تبارك وتعالى خلق الأرض فى موضع بيت المقدس كهيئة الفهر ، عليها دخان ملتزق بها ثم ، أصعد الدخان ، وخلق منه السماوات وبسط الفهر أرضا وأن ذلك قوله تعالى : { ففتقناهما } [ الأنبياء : 30 ] وذكر بعض أن كون السماء دخانا سابق على خلق الأرض ودحوها وهو ظاهر قوله : { ثم استوى إلى السماء وهي دخان } [ فصلت : 11 ] على أن ثم للترتيب الذكرى ، وخلق الجوهرة ودوبها قبل السماوات والأرض ، وذكر بعض أن خلق المواد للسماء والأرض فى زمان واحد ، وهى الجوهرة مثلا ، والتفاصيل وخلق السماوات والأرض بعد قال الله عز وجل : { الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش } [ السجدة : 4 ] وقال عز وجل : { ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسَّنا من لغوب } [ ق : 38 ] . وآية السورة قيل : تدل على أن خلقهما فى ثمانية أيام ، وذلك فى التقدير ، كما قال : { خلق كل شيء فقدره تقديرا } [ الفرقان : 2 ] والتفاصيل والمواد والنيرات ، وجعل كل فى موضعه ، والهواء بين كل واحدة والأخرى ، وأن الأيام الأربعه لجعل الرواسى ، وتقدير الأقوات ليست من تلك الستة ، وكذلك اليومان خارجان عنها ، وروى : أن الله خلق فى يوم الأحد والاثنين الأرضين ، ويوم الثلاثاء أقواتها ، ويوم الأربعا والخميس السماوات ، ويوم الجمعة أقواتها . { وأوحَى في كل سماءٍ أمْرها } ما اقتضت الحكمة أن يكون فيها ، كوجود الملائكة والنيرات ، والايحاء بمعنى التكوين ، أو الايحاء الى أهلها بما يكلفون به ، والعطف على قضى { وزينا السَّماء الدنيا بمصابيح } النجوم مستوية أو بعضها منخفض وبعضها مرتفع ، أو بعضها فيها ، وبعضها فيما فوقها ، وقيل : تحتها زينت بها { وحِفْظاً } مفعول مطلق لمحذوف معطوف على زينا أى وحفظناها أى السماء ، قيل أو المصابيح حفظا من الآفات والشياطين المسترقة { ذَلك } ما ذكر كله { تَقْدير العَزيز العَليم } عظيم العلم وكثيره ، وهو علم لا يتناهى .