Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 23-23)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أولئكَ } الأراذل المخاطبون قبل هذا ، الذين ترك خطابهم ولو بالتوبيخ الى الغيبة ، إيذاناً بأن قبائحهم أوجبت ترك خطابهم { الَّذين لَعنَهم الله } أبعدهم عن رحمته { فأصَمَّهم } عن استماع الحق لسوء اختيارهم { وأعْمى أبصارهُم } ابصار القلوب ، عما يشاهدون من الآيات والدلائل النفسية والأفقية ، ولم يقل أصم آذانهم ، كما قال : { أعمى أبصارهم } ولم يقل أعماهم كما قال : " أصمهم " لأن الآذان لو أصيبت بقطع أو قلع لم ينقطع السمع ، فلم يحتج الكلام الى ذكر الآذان والبصر ، وهو العين المعبر بها عن بصر القلب ، لو أصيب لم يكن النظر ، فللعين مدخل فى الابصار ، ولا مدخل للأذن فى السمع . ويبحث بأن المراد بالأذن موضع السمع منه ، ولو قطع لامتنع السمع ، وبالبصر موضع الابصار منه ، ولو أصيب لامتنع الابصار ، ويجوز أن يقال لم يذكر الأذن ، لأن الصمم يكفى عنه ، بخلاف العمى فانه يطلق على عمى القلب ، وعلى عمى العين حقيقة فيهما ، أو مجاز فى القلب مشهور ، فحسن تقييده ، وفيه أنه قيد بالابصار ، وهو صالح لبصر القلب وبصر الوجه ، والمراد الأول معبر عنه باسم بصر الوجه ، وقيل : العمى حقيقة فى بصر الوجه ، وظهور اضمامهم فى أمر القتال أشد من ظهور عماهم فيه ، فكفى شدة ظهوره فيه عن ذكر الأذن ، وفى الآيات السابقة ما يؤذن بعدم انتفاهم بالدلائل المبصرة فى النفوس والآفاق ، والرحم موضع الجنين من المرأة ، سمى به القرابة لكونهم خارجين من رحم واحد ، ويقال أيضا ذو رحم ، وذوو رحم ، ويقال أرحام وذوو أرحام . ذكر بعض أن الرحم كل من يجمع بينك وبينه نسب ، ويطلق فى الفرائض على الأقارب من جهة النساء ، ويطلق أيضا على كل قريب ليس بذى سهم ولا عصوبة ، وعدوا من ذلك أولاد الأخوات لأبوين أو لأب ، وعمات لآباء ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " من ملك ذا رحم محرم عتق به شامل للأبوين والأجداد والأبناء وأبناءهم " وعتقوا اجماعا للحديث المذكور ، واختلفوا فى غيرهم ، والمذهب العتق ، وذكر ابن حجر أن الأولاد من الأرحام ، وعطف الأقربين على الوالدين يقتضى عدم دخولهما فى الأقارب ، فلا يدخلون فى الأرحام ، وحقهما واجب اجماعا ، ومذهب الحنفية أن الوالدين والأولاد لا يدخلون فى القرابة والأرحام ، فلو أوصى للأقارب أو اللأرحام لم يدخلوا ، ودخل غيرهم الأقرب فالأقرب ، ولكل مقام استعمال ، فمن عبارة المذهب قول أصحابنا فى حقوق القرابة : الأرحام أو القرابة الى أربعة آباء ، وقيل وقيل ، وصحح بعض الحنفية دخولهم ، وعلل عدم الدخول بأن القريب من يتقرب الى غيره بواسطة غيره ، وتكون الجزئية بينهما منعدمة ، وأدخل محمد صاحب أبى حنيفة الجد ولد الولد ، وهو ظاهر قول أبى حنيفة وأبى يوسف صاحبه ، وذكر أن الجدة كالجد . وقد يقال : عدم دخول الوالدين والولد للعرف ، وكذا الجد والجدة على القول بعدم دخولهما ، والحنفية يجرون على العرب فى الوصية ، وكذا فى المذهب أن الوصية تجرى على العرف ، وفى الخبر : من سمى والده قريبا عقه ، فنقول ذلك لشعوره بالحط لا للغة ، كما لا ينادى باسمه ، وأما عطف الاقربين على الواليدن فتعميم بعد تخصيص فى قول الدخول ، واختار بعض المحققين أن القرابة غير الأجانب ، فيدخل الفروع والأصول والحواشى من قبل الأب ، أو من قبل الأم ، وقطع الرحم كبيرة فسق وكفر دون شرك . والعجب ممن توقف فى كونه كبيرة كالرافعى والنووى بعده من الشافعية ، والمذهب لزوم لعن المخصوص ، قال بريدة : كنت جالساً عند عمر ، إذ سمع صائحا فسأل فقيل : جارية من قريش تباع أمها ، فدعى المهاجرين والأنصار ، فامتلأت ان دار والحجرة بغتة ، فحمد الله تعالى وأثنى عليه : وقال : أما بعد ، فهل تعلمون مما جاء به محمد صلى الله عليه وسم قطع الرحم ؟ قالوا : لا ، قال : قد فشت فيكم وقرأ : { فهل عسيتم } الآية ، وأى قطيعة أقطع من أن تباع أم امرىء فيكم ؟ قالوا : فاصنع ما بدالك فكتب فى الآفاق أن لاتباع أم حر ، فانه قطيعة رحم ، وانه لا يحل . وزعم جمهور قومنا أنه لا يلعن الشخص المعين ولو مشركا الا إن نص عليه فى القرآن اذ لا يدرى بم يختم له ، وهو خطأ ، واعتبار للغيب ، وترك للظاهر بلا دليل ، وترك للحديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " إذ دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت وبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح " وأيضا معنى لعن الشخص الدعاء عليه لا الاخبار . وروى مسلم : أنه صلى الله عليه وسلم مر بحمار وُسم فى وجهه ، فقال : " لعن الله من فعل هذا " ولا خصوص فيه بالشقوة ، فقد يتوب الفاعل ولا يناله الدعاء ، قال صلى الله عليه وسلم : " ستة لعنهم الله ، وكل نبي مجاب الدعوة : المحرف لكتاب الله ، والمكذب بقدر الله ، والمتسلط بالجبروت ليعز من أذل الله ، ويذل من أعز الله ، والمستحل من عترتي ، والتارك لسنتي ، المستحل لحرم الله " وأشار بالمستحل من عترتى الى نحو يزيد القاتل للحسن بن على .