Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 30-31)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولَو نَشاءُ } إراءتك اياهم ضمير العظمة هنا ، وفيما بعد على طريق العناية بالارادة ، وكأنه وعده الارادة والا فلو للامتناع ، ويدل على الوعد قوله تعالى : { ولتعرفنهم في لحن القول } فعن أنس : ما خفى عنه لحن منهم بعد نزول : { ولتعرفنم في لحن القول } وعرفهم بسيماهم ايضا { لأرينْاكهم } عرفناكهم ، أو أريناكهم بعينيك { فَلعرفتهم } الفاء للعطف والتفريع ، واللام صحت لأجل العطف على جواب لو المقرون باللام ، كررت للتأكيد ، وكأنها فى جواب لو ، لأن المعطوف على الجواب جواب ، والاراءة بمعنى التعريف ، ولا يلزم فى الجملة من التعريف حصول المعرفة ، فقد يكون منك تعريف لأحد بشىء ولا يعرفه ولا يقيده تعريفك ، فزاد الله تعالى قوله : { لتعرفنهم } فلو شاء الله تعالى لم يعرفهم ، ولو جعل لهم سيما { بِسِيماهُم } علامتهم ، والمراد الجنس اضافتها للجنس ، وكأنه قيل بعلامات نسمهم بها ، وأرفدت اشارة الى أن علاماتهم متحدة الجنس ، كأنها شىء واحد . { ولتعْرفنَّهم } فوالله لتعرفنهم ، القسم وجوابه جملة انشائية معطوفة على خبرية ، هى لو وشرطها وجوابها { في لحْن القَول } الاضافة للجنس ، وكأنه قيل فى طرف القول اذا جاءوك بواحد فهمته ، أو لحن القول الطريق المائلة عن الطريق المعروفة ، كالتعريض والكناية ، والابهام المائلات عن التصريح ، كما يسمى الخطأ فى النطق من حيث الاعراب لحناً لأنه عدول عن الصواب ، تقول لحنت له إذا قلت له قولاً يفهمه عنك ، ويخفى عن غيره لنحو البلاغة فى العبارة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " لعل بعضكم ألحن بحجته من بعض " وقيل : لحن القول هنا الذهاب عن الحق ، ويقرب منه قول ابن عباس : اللحن القول هنا مالنا من الثواب ان أطعنا ، ولا يقولون ما علينا من العقاب ان عصينا ، والصواب أن يقولوه ولم يقولوه لشدة رغبتهم فى ما ينفعهم من الخيرات ، ولكثرة ما يذكر من عقابهم فى القرآن ، وقلة ما يصرح له به لكم كذا ان فعلتم كذا . وتفسير اللحن بالميل أولى وهو الأكثر فى الكلام ، كما فسر به أولا ، كما قيل : انهم يصطلحون على ألفاظ يخاطبون بها النبى صلى الله عليه وسلم ، مما ظاهره حسن غير مراد ، بل أرادوا قبحا أو غيره مما ليس حسنا ، ومن ذلك قولهم ، اذا دعوا إلى النصر : انا معكم ، فيريدوا انا معكم الساعة ، أو فى المدينة ، أو معكم فى القتال بلا اعانة ، والسيمة بالكتابة ، قال أنس : كنا فى غزوة ومعنا تسعة من المنافقين يشكوهم الناس ، فأصبحوا ، وفى وجه كل واحد مكتوبا هذا منافق ، ولا تختص السيما فى الآية بالكتابة ، بل تعم كل ما يعلم به فى أحواله ، وفى حديث مرفوع : " اتقوا فراسة المؤمن فإنه بنور الله يبصر " ولفظ البخارى والترمذى ، عن أبى سعيد : " اتقوا فراسة المؤمن فإنه يبصر بنور الله عز وجل " والتعريض بالقذف لا يوجب حد القذف ، كقولك : أنا لا أزنى تعريضا لفلان أنه يزنى ، والآية لا تدل على الحد به { والله يعلم أعمالكم } خطاب للمؤمنين بالجزاء على أعمالهم الحسنة ، أو للمنافقين بالجزاء على اعمالهم القبيحة ، والأولى عمومهم فهو وعد ووعيد ، كما يدل له قوله تعالى : { ولنَبلونَّكُم حتَّى نعْلم المجاهدين مِنْكم والصابرين ونَبْلو أخْبارَكُم } والبلاء الأمر بما يشق كالجهاد ، والصبر هو الصبر على مشاق التكليف ، أى حتى نعلم الجهاد والصبر واقعين بعد علمهما فى الأزل ، وبعده أنهما يقعان أو لا يقعان ، كأنه قيل : حتى يظهر علمنا ، والشىء لايعرف أنه وقع حتى يقع ، ومن قبل وقوعه علم الله أنه سيقع لأنه وقع ، أو العلم هنا عبارة عن لازمه ومسببه وهو الوقوع منهم وقوع الجهاد والصبر ، ومعنى : { نبلو أخباركم } نظهر حسنها وقبيحها ، وحسن الخبر وقبحه على حسب المخبر عنه ، والمراد عموم الاخبار ، فيدخل فيها الاخبار أولاً عن الايمان ، وموالاة المؤمنين ، وقيل الاخبار عن ايمان ، وأن الإضافة للعهد .