Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 48, Ayat: 3-3)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وينْصُرك الله } أظهر لفظ الجلالة بعد الاضمار ، لكون النصر خاتمة العلل ، على أن اللام للتعليل ، وخاتمة الغايات على أنها ليست للتعليل ، بل للعاقبة ، ولاظهار كمال اظهار شأنه ، كما يدل له اردافه بذكر النصر العزيز ، أو أظهر الاسم فى الصدر ، وهنا لأن المغفرة تتعلق بالآخرة والنصر بالدنيا ، وكأنه قيل : هوالذى يتولى أمرك فى الدنيا والآخرة ، أو أظهر الاسم هنا اشارة الى الصدر وقوله عز وجل : { وما النصر إلاَّ من عند الله } [ الأنفال : 10 ] والنصر بالصبر ، والصبر بالله ، قال الله تعالى : { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } [ الرعد : 28 ] . { نَصْراً عَزيزاً } العزيز هو المنصور ، ووصف النصر بالمنصورية مبالغة ، والعز الغلبة ، وتجوز فى الاسناد ، فان المنصور حقيقة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك كما يقال : كلام صادق ، والأصل متكلم صادق ، ويجوز تقدير مضاف ، أى عزيزا صاحبه ، وأما جعله للنسب كلابن ، فعلى معنى نصراً فيه عز ومنع ، وأما قولك : نصرا ذا عزة فلا يكفى تفسيرا ، لأن فيه اضافة النصر الى العزة ، فيحتاج الى تفسير كما احتاج عزيراً الى تفسير ، أو عزيزاً بمعنى ذو قوة ، فكأنه قيل : نَصْر ناصر لك ، ولا نسلم أن هذا قليل الفائدة ، وأنه غير مناسب ، لأن المقام فى شأن المخاطب المنصور ، لأنا نقول : الكلام فى نصره ، فذلك تقوية لنصره ، والواقع فى قلبى ، أو لأن معنى عزيزا عظيما شريفا قليل الوجود ، وعديم النظير ، فلا حذف ولا تأويل ، ثم رأيته لمحققين اثنين قبلى من قومنا . وفى البخارى عن اسلم : سأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شىء ثلاثا لم يجبه ، فخشى أن يكون قد نزلت فيه آية ، فلحق بأول الركب ، فسمع صريخا به فرجع اليه صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : " لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة لهي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ : { إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً } " زاد الترمذى ان ذلك فى الحديبية فى رجوعه منها .