Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 84-84)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَوَهَبْنَا لَهُ } لإِبراهيم { إِسْحَاقَ } من سارة ، عاش مائة وثمانين سنة ، ولفظ إِسحاق أَعجمى ، وذكر بعض أَن معناه بالعربية الضحاك { وَيَعْقُوبَ } ابن إِسحاق ، عاش مائة وسبعا وأَربعين سنة ، وفى هذا دليل أَن ولد ولدك ولدك لأَنه جعله فى الهبة مع الولد ، والعطف على تلك حجتنا عطف قصة على أُخرى عطف فعلية على اسمية ، لا على آتيناها ؛ لخلوها عن ضمير تستحقه جملة آتيناها فى الربط بما قبلها ، وفى الجملة إِلى آخره مدح لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إِذ كان من ذرية إِبراهيم من جهة إِسماعيل ، ومدح لسيدنا إِبراهيم إِذ جعل أَشرف الخلق من نسله وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو من جملة ما رفع به درجات إِبراهيم عليه السلام خليل الرحمن إِذ سلم قلبه للعرفان ، ولسانه لإِقامة البرهان على فساد طريق أَهل الشرك والطغيان ، وسلم بدنه للنيران وولده للقربان وماله للضيفان ، واعترف بفضله جميع أَهل الأَديان ، ومن جملة درجاته أَن أَكثر الأَنبياء من نسله { كُلاًّ } كل واحد من إِسحاق ويعقوب { هَدَيْنَا } لم يذكر ما إِليه الهداية ليذهب ذهن السامع كل مذهب ممكن حسن فى الهداية لإِبراهيم من كل شرف وفضيلة دنيوية وأخروية ، وللعلم به وهو ما هدى إِليه إِبراهيم عليه السلام ، وقدم كلا للاهتمام أَو للحصر الإِضافى ، أَى إِنما هديناهما جميعاً لا واحداً فقط ، وفيه ضعف ، وقيل : كلا من إِبراهيم وإِسحاق ويعقوب ، والأَول أَولى لأَن شرف إِبراهيم مشهور معروف مفروغ منه قبل هذه الآية ، والآية سبقت لمدحه بأَنه وهب له ولدين مهديين ، وبأَنه من ولد مهدى عظيم هو نوح { وَنُوحاً } معناه بالسريانية الساكن ، وقيل سمى نوحاً لكثرة بكائه ، فهو لقب ، واسمه عبد الغفور ، وصحح الأَول { هَدَيْنَا } قدم نوحاً للاهتمام { مِنْ قَبْلُ } من قبل إِبراهيم ، عد هدى نوح نعمة لإِبراهيم ، لأَن شرف الأَب يتعدى إِلى الولد ، فشرف إِبراهيم عليه السلام من جهة أَبيه نوح وهو جده ، وجهة أَولاده وهم أَنبياء بنى إِسرائيل ، وقيل بين آدم ونوح أَلف سنة ، وعاش آدم تسعمائة سنة وستين ، وبين إِدريس ونوح أَلف سنة ، وبعث نوح لأَربعين وعاش فى قومه أَلف سنة إِلا خمسين ، وعاش بعد الطوفان ستين ، وقيل : بعث ابن ثلاثمائة وخمسين ، وبين إِبراهيم ونوح عشرة قرون ، وعاش إِبراهيم مائة وخمساً وسبعين وبينه وبين آدم ألفا سنة ، ونوح هو ابن لَمْك - بفتح فإِسكان - ابن متوشلخ - بفتح فضم وشد وفتح الشين واللام - وقيل - بضم ففتحتين فإِسكان الشين وكسر اللام - أَخنوخ - بفتحتين وضم النون - وهو إِدريس بن برد ابن مهلائيل بن قينان بن أَنوش بن شيت ، والذى يتبادر إِلى النفس أَن إِدريس قبل نوح ، وقد قيل أَنه ولد بعد آدم بمائة وستة وعشرين عاماً ، لكن فى الطبرانى : أَول الأَنبياء آدم ثم نوح فإِدريس بعد نوح ، وعليه أَكثر الصحابة ، وقد قيل إِدريس بن برد بن مهلائيل بن أَنوش بن قينان بن شيت بن آدم وهو جد نوح بينهما أَلف سنة ، كما روى عن ابن مسعود ووهب ابن منبه { وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ } من ذرية نوح ، أَو من ذرية إِبراهيم ، والأَول أَولى لأَن لوطاً ويونس ليسا من ذرية إِبراهيم ، ووجه الثانى أَن الكلام سبق فيه والعطف بعد فى الأَول على نوحاً فيكون الهدى متسلطاً عليهم أَو على إِسحاق ، فتكون الهبة متسلطة عليهم وفى الثانى على إِسحاق . ومن للابتداء أَو للتبعيض على كل حال متعلقة بوهبنا ، أَو لهدينا على الابتداء ، وأَما على التبعيض فتتعلق بمحذوف حال من داود وما بعده ، ويعطف لوطاً ويونس على نوحاً ، وجاءَ عطفه على مفعول وهبنا ، ووجهة أَن لوطاً ابن أخت إِبراهيم عليه السلام ، وقيل ابن أَخيه ، وبيونس اتصال بابراهيم عليه السلام لاقتدائه به فصح أَنهما وهبا له به . فى جامع الأُصول أَن يونس من الأَسباط فى زمان شعيب فلا إِشكال ، ويعمل بالتغليب فيمن ليس من ذريته والخال كالأُم ، والعم كالأَب ، والمذكور فى الآية ثمانية عشر رسولا ، وبقى آدم وإِدريس وشعيب وصالح وهود وذو الكفل ومحمد ، فهم خمسة وعشرون ، قيل : يجب الإِيمان بهم تفصيلا ، ولعله على من قامت الحجة عليه بالسماع ذكر السبعة فى غير هذه السورة ، وذكر الباقين من الآية بقوله { دَاوُدَ } بن إِيشا بن عوبر - بموحدة على وزن جعفر - ابن عابر - بمهملة وفتح الموحدة - بن سلمون بن يخيئون بن عذودب ابن إِرم بن حضرموت بن فارض بن يهوذا بن يعقوب { وَسُلَيْمَانَ } ابنه ، وبين داود وموسى خمسمائة وتسع وستون سنة ، وعاش داود مائة وسليمان نيفاً وخمسين سنة ، وقيل ثلاثاً وخمسين سنة ، وبينه وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أَلف وسبعمائة سنة . أو كان داود يشاور سليمان مع صغر سنة لوفور عقله وعلمه ، وملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة ، وابتدأَ بناءَ بيت المقدس بعد ملكه بأَربع سنين { وَأَيُّوبَ } بن أَموص من أَسباط عيص بن إِسحاق ، وقيل أَيوب ابن روم بن إِسحاق ، وقيل ابن روم بن إِبراهيم ، ويقال : أَيوب بن أَموص بن رازح بن عيص بن إِسحاق بن إِبراهيم ، عاش ثلاثاً وستين ، ومدة بلائه سبع سنين ، وذكر ابن عساكر أَن أمه بنت لوط ، وآمن أَبوه بإِبراهيم فهو قيل موسى ، وفى الطبرى أَنه بعد شعيب ، وفى ابن خيثمة أَنه بعد سليمان ، وفى الطبرانى عمره ثلاث وتسعون سنة ، { وَيُوسُفَ } بن يعقوب ، عاش مائة وعشرين ، قيل : بينه وبين موسى بعده أَربعمائة سنة ، وبين إِبراهيم وموسى خمسمائة وخمس وستون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إِسحاق ابن إِبراهيم " { وَمُوسَى } هو ابن عمران ، عاش مائة وعشرين ، وبينه وبين داود بعده خمسمائة وتسع وستون { وَهَأرُونَ } أَخو موسى ، أَكبر من موسى بسنة ، ابن عمران بن يصهر بن لوى بن يعقوب ، أَخو موسى لأَبيه وأمه ، وقيل : لأَبيه ، وقيل : لأُمه . ومات قبل موسى ، رآه صلى الله عليه وسلم ليلة الإِسراء فى السماء الخامسة ، ونصف لحيته أَبيض تكاد تضرب سرته ، فقال : يا جبريل من هذا ؟ قال : المحبب إِلى قومه ، هارون بن عمران ، وكذا قيل أَن هارون بالعبرية المحبب . { وَكَذَلِكَ نَجْزِى المُحْسِنِينَ } نجزى المحسنين بالتشريف والتفضيل بأَنواع الكرامات كما جزينا بذلك موسى وهارون وداود وسليمان ويوسف ، أَو كما جزينا إِبراهيم برفع درجاته وكثرة أَولاده والنبوة فيهم ، والمطلق مطلق الإِحسان لا خصوص النبوة وكثرتها ، وليس فى ذلك تشبيه الشئ بنفسه ، وفى الحديث : " الإِحسان أَن تعبد الله كأَنك تراه فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك " ، أَى فإِن لم تكن تراقبه كما تراقب من تراه .