Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 17-17)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr li-l-qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } أَى فأَنتم لم تقتلوهم ولم تأْسروهم { وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ } وأَسرهم { وَمَا رميْتَ } ما أَوصلت التراب إِلى عيونهم وأَفواههم وأُنوفهم { إِذ رَمَيْت } إِذ أَلقيت التراب إِلى جهتهم { وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى } أَوصله إِليها ، وحاصله : ما رميت به تلك الأَعضاء إِذ رميته إِليها ، أَو إِذا أَردت رميها به ولكن الله رماها به . أَو ما رميت بالرعب إِذ رميت بالحصباء ولكن الله رمى بالرعب فى قلوبهم ويرجع هذا الذى ذكرته أَولا إِلى قولنا : ما أَثر رميك إِذ رميت ولكن الله أَثره ، وأَفعال العباد بخلقه تعالى ، وكسبها لها ومباشرتها ، فهو رمى كسباً والله تعالى رمى خلقاً وتأْثيراً ، ولو شاءَ الله لم يصلهم الرمى ، أَو يصلهم ولا يؤثر فيهم ، وجميع أَفعال العباد بخلق الله تعالى وكسبهم ، وللعبد قدرة مؤثرة يخلقها الله إِن شاءَ ، وإِن شاءَ أَبطلها فلم تؤثر ، والمشهور أَنه لا أَثر له ، أَى لا يؤثر إِلا بخلق الله عز وجل تأْثيره ، ومشهور الأَشعرية أَن له قدرة غير مؤثرة ، أَى لا تؤثر بذاتها فالخلاف لفظى ، أَو لم يسموا ما للعبد تأثيراً ، وزعمت المعتزلة أَن له قدرة يفعل بها ما لا يشاء الله عز وجل ، وقالت المجبرة : لا قدرة للعبد أَصلا ، ولتفسير الرمى المنفى والمثبت بما مر كان نظر القرآن كما هو ، وإِلا فمناسب فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم ، وما رميت ولكن الله رمى ، ومناسب { وما رميت إِذ رميت ولكن الله رمى } فلم تقتلوهم إِذ عالجتم قتلهم وظهر لكم أَنكم قتلتموهم ولكن الله قتله . ولا يناسب مقام قصة بدر أَن يقال هذا فى طعنه صلى الله عليه وسلم يوم أحد أَبى بن خلف ، فإِن ظاهر الطعن غير الرمى ، وإِنما قيل هذا فى رميه بسهم نحو الحصن يوم حنين ، وإِصابته ابن أَبى الحقيق فى فراشه ، لأَن فى ذلك دخول كلام أَجنبى فى أَثناء القصة ، ولكن هذا حديث ضعيف ، والصحيح أَنه مات بكسره صلى الله عليه وسلم ضلعه ، أَو بخدشه له . أَتى أَبى بن خلف إِلى النبى صلى الله عليه وسلم بعظم رميم ، فقال : يا محمد من يحيى هذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " يحييه الذى يميتك ثم يحييك ثم يدخلك النار " وأَسر يوم بدر فلما افتدى قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إِن عندى فرساً أَعلفها كل يوم فرقاً من ذرة أَقتلك عليها … فقال صلى الله عليه وسلم : " بل أَنا أَقتلك إِن شاءَ الله " ودنا يوم أَحد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترض له رجال من المسلمين ليقتلوه ، فقال صلى الله عليه وسلم : " تأَخروا … " فرماه بحربة فكسر ضلعاً من أَضلاعه ، وقيل خدشه بها ، فكان يخور ، أَى يصوت كثور ، أَو يضعف ، فحمل فقيل له : لا بأس عليك . فقال : قد وعدنى فوالله لو بصق على لقتلنى ، ومات ببعض الطريق ، وفى الآية حذف علة عطف عليها أخرى مذكورة هكذا : فعل ذلك ليقهر الكافرين … { وَلِيُبْلِىَ المؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا } أَو يقدر فعل ذلك ليبلى المؤمنين ، وبلاء اسم مصدر أَى إِبلاءً حسناً ، أَى يحملهم على الشدة فيتحملوها بالصبر عليها كاختبار فيعقبها النصر ، وذلك يوم أَحد ، وذلك حكاية للحال الماضية ، أَو المراد ، ينعم عليهم بالغنيمة والنصر وإِظهار الآيات كاختبار هل يشكرون النعمة . أَو بلاء اسم لما بلاهم به من الغنيمة فيكون من نيابة الذات عن المصدر ، أَو المراد الغنيمة نفسها على تضمين يبلى معنى يعطى ، والإِبلاء والبلاء والمحنة فى الشر والخير كما قال الله جل وعلا : { وبلوناهم بالحسنات والسيئات } [ الأَعراف : 168 ] { إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ } للأَقوال ومنها أَقوالهم ودعاؤُهم { عَلِيمٌ } بالأَشياء كلها ومنها أَحوالهم ونياتهم .