Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 48-48)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } للضعفاء { إِنَّا كُلٌّ فِيهَا } نحن وأنتم / فكيف نغني عنكم ؟ ولو قدرنا لدفعنا عن أنفسنا شيئاً من العذاب . ورفع { كُلٌّ } على الابتداء وهو مضاف تقديراً لأن المراد كلنا و { فِيهَا } خبره والجملة خبر ( إن ) . وقرأ ابن السميقع وعيسى بن عمر { كلاً } بالنصب ، وخرجه ابن عطية والزمخشري على أنه توكيد لاسم ( إن ) ، وكون كل المقطوع عن الإضافة يقع تأكيداً اكتفاء بأن المعنى عليها مذهب الفراء ونقله أبو حيان عن الكوفيين ، ورده ابن مالك في « شرحه للتسهيل » ، وقيل : هو حال من المستكن في الظرف . وتعقب بأنه في معنى المضاف ولذا جاز الابتداء به فكيف يكون حالاً ، وإذا سلم كفاية هذا المقدار من التنكير في الحالية فالظرف لا يعمل في الحال المتقدمة كما يعمل في الظرف المتقدم نحو كل يوم لك ثوب . وأجيب عن أمر العمل بأن الأخفش أجاز عمل الظرف في حال إذا توسطت بينه وبين المبتدأ نحو زيد قائماً في الدار عندك وما في الآية الكريمة كذلك ، على أن بعضهم أجاز ذلك ولو تقدمت الحال على المبتدأ والظرف ؛ نعم منعه بعضهم مطلقاً لكن المخرج لم يقلده ، وابن الحاجب جوزه في بعض كتبه ومنعه في بعض ، قيل : وقد يوفق بينهما بأن المنع على تقدير عمل الظرف لنيابته عن متعلقه ، والجواز على جعل العامل متعلقه المقدر فيكون لفظياً لا معنوياً ، وإلى هذا التخريج ذهب ابن مالك وأنشد له قول بعض الطائيين : @ دعا فأجبنا وهو بادي ذلة لديكم فكان النصر غير قريب @@ وحَمَلَ قوله تعالى : { وَٱلسَّمَـٰوٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] في قراءة النصب على ذلك . وقال أبو حيان : الذي أختاره في تخريج هذه القراءة أن كلاً بدل من اسم ( إن ) لأن كلاً يتصرف فيها بالابتداء ونواسخه وغير ذلك فكأنه قيل : إن كلاً فيها . وإذا كانوا قد تأولوا حولاً أكتعاً ويوماً أجمعاً على البدل مع أنهما لا يليان العوامل فأن يدعى في كل البدل أولى ، وأيضاً فتنكير { كل } ونصبه حالاً في غاية الشذوذ نحو مررت بهم كلاً أي جميعاً . ثم قال : فإن قلت : كيف تجعله بدلاً وهو بدل كل من كل من ضمير المتكلم وهو لا يجوز على مذهب جمهور النحويين ؟ قلت : مذهب الأخفش والكوفيين جوازه وهو الصحيح ، على أن هذا ليس مما وقع فيه الخلاف بل إذا كان البدل يفيد الإحاطة جاز أن يبدل من ضمير المتكلم وضمير المخاطب لا نعلم خلافاً في ذلك كقوله تعالى : { تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا } [ المائدة : 114 ] وكقولك : مررت بكم صغيركم وكبيركم معناه مررت بكم كلكم وتكون لنا عيداً كلنا ، فإذا جاز ذلك فيما هو بمعنى الإحاطة فجوازه فيما دل على الإحاطة وهو { كُلٌّ } أولى ولا التفات لمنع المبرد البدل فيه لأنه بدل من ضمير المتكلم لأنه لم يحقق مناط الخلاف انتهى ، ولعل القول بالتوكيد أحسن من هذا وأقرب ، وردُّ ابنِ مالك له لا يعول عليه . { إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ ٱلْعِبَادِ } فأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ، وقدر لكل منا ومنكم عذاباً لا يدفع عنه ولا يتحمله عنه غيره .