Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 32-32)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الفاء للتفريع على الإنكار الذي في قوله { أفلا تتقون } يونس 31 ، فالمفرع من جملة المقول . واسم الإشارة عائد إلى اسم الجلالة للتنبيه على أن المشار إليه جدير بالحكم الذي سيذكر بعد اسم الإشارة مِن أجْل الأوصاف المتقدمة على اسم الإشارة وهي كونه الرازق ، الواهب الإدراك ، الخالق ، المدبر ، لأن اسم الإشارة قد جمعها . وأومأ إلى أن الحكم الذي يأتي بعده معلل بمجموعها . واسم الجلالة بيان لاسم الإشارة لزيادة الإيضاح تعريضاً بقوة خطئهم وضلالهم في الإلهية . و { ربكم } خبر . و { الحق } صفة له . وتقدم الوصف بالحق آنفاً في الآية مثل هذه . والفاء في قوله { فماذا بعد الحق إلا الضلال } تفريع للاستفهام الإنكاري على الاستنتاج الواقع بعد الدليل ، فهو تفريع على تفريع وتقريع بعد تقريع . و { ماذا } مركَّبٌ من ما الاستفهامية وذا الذي هو اسم إشارة . وهو يقع بعد ما الاستفهامية كثيراً . وأحسن الوجوه أنه بعد الاستفهام مزيد لِمجرد التأكيد . ويعبر عن زيادته بأنه ملغى تجنباً من إلزام أن يكون الاسم مزيداً كما هنا . وقد يفيد معنى الموصولية كما تقدم في قوله تعالى { ماذا أراد الله بهذا مثلاً } في سورة البقرة 26 . وانظر ما يأتي عند قوله { ماذا يستعجل منه المجرمون } في هذه السورة50 . والاستفهام هنا إنكاري في معنى النفي ، ولذلك وقع بعده الاستثناء في قوله إلا الضلال . و { بعْدَ } هنا مستعملة في معنى غير باعتبار أن المغاير يحصل إثر مغايره وعند انتفائه . فالمعنى ما الذي يكون إثر انتفاء الحق . ولما كان الاستفهام ليس على حقيقته لأنه لا تردد في المستفهَم عنه تعيّن أنه إنكار وإبطال فلذا وقع الاستثناء منه بقوله { إلا الضلال } . فالمعنى لا يكون إثر انتفاء الحق إلا الضلال إذ لا واسطة بينهما . فلما كان الله هو الرب الحق تعين أن غيره مما نسبت إليه الإلهية باطل . وعبر عن الباطل بالضلال لأن الضلال أشنع أنواع الباطل . والفاء في { فأنَّى تصرفون } للتفريع أيضاً ، أي لتفريع التصريح بالتوبيخ على الإنكار والإبطال . و { أنَّى } استفهام عن المكان ، أي إلى مكان تَصرفكم عقولكم . وهو مكان اعتباري ، أي أنكم في ضلال وعماية كمن ضل عن الطّريق ولا يجد إلا من ينعت له طريقاً غير موصلة فهو يُصرف من ضلال إلى ضلال . قال ابن عطية وعبارة القرآن في سوق هذه المعاني تفوق كل تفْسير براعة وإيجازاً ووضوحاً . وقد اشتملت هذه الآيات على تسع فاءات من قوله { فسيقولون الله } الأولى جوابية ، والثانية فصيحة ، والبواقي تفريعية .