Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 66-67)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما تضمن قوله { فاعبده واصطبر لعبادته } مريم 65 إبطالَ عقيدة الإشراك به ناسب الانتقالُ إلى إبطال أثر من آثار الشرك . وهو نفي المشركين وقوع البعث بعد الموت حتى يتمّ انتقاض أصلي الكفر . فالواو عاطفة قصة على قصة ، والإتيان بفعل { يَقول } مضارعاً لاستحضار حالة هذا القول للتعجيب من قائله تعجيب إنكار . والمراد بالإنسان جَمع من الناس بقرينة قوله بعده { فوربك لنحشرنهم } مريم 68 ، فيراد من كانت هاته مقالتَه وهم معظم المخاطبين بالقرآن في أوّل نزوله . ويجوز أن يكون وصفٌ حُذف ، أي الإنسان الكافر ، كما حذف الوصفُ في قوله تعالى { يأخذ كل سفينة غصباً } الكهف 79 ، أي كلّ سفينة صالحة ، فتكون كقوله تعالى { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه } القيامة 3 ، 4 . وكذلك إطلاق الناس على خصوص المشركين منهم في آيات كثيرة كقوله تعالى { يٰأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم } البقرة 21 إلى قوله { فأتوا بسورة من مثله } البقرة 23 فإن ذلك خطاب للمشركين . وقيل تعريف { الإنسان } للعهد لإنسان معين . فقيل ، قائل هذا أُبَي بن خلف ، وقيل الوليد بن المغيرة . والاستفهام في { أإذا ما متّ لسوف أخرج حياً } إنكار لتحقيق وقوع البعث ، فلذلك أتي بالجملة المسلّطِ عليها الإنكار مقترنةً بلام الابتداء الدالة على توكيد الجملة الواقعة هي فيها ، أي يقول لا يكون ما حققتموه من إحيائي في المستقبل . ومتعلق { أُخرَجُ } محذوف أي أُخرج من القبر . وقد دخلت لام الابتداء في قوله { لسَوفَ أُخرَجُ حيّاً } على المضارع المستقبل بصريح وجود حرف الاستقبال ، وذلك حجّة لقول ابن مالك بأن لام الابتداء تدخل على المضارع المراد به الاستقبال ولا تخلصه للحال . ويظهر أنه مع القرينة الصريحة لا ينبغي الاختلاف في عدم تخليصها المضارع للحال ، وإن صمّم الزمخشري على منعه ، وتأول ما هنا بأنّ اللام مزيدة للتوكيد وليست لام الابتداء ، وتأوله في قوله تعالى { ولسوف يعطيك ربك فترضى } الضحى 5 بتقدير مبتدأ محذوف ، أي ولأنت سوف يعطيك ربّك فترضى ، فلا تكون اللام داخلة على المضارع ، وكلّ ذلك تكلّف لا مُلجىء إليه . وجملة { أو لا يذكر الإنسان } معطوفة على جملة { يقول الإنسان } ، أي يقول ذلك ومن النكير عليه أنّه لا يتذكّر أنا خلقناه من قبل وجوده . والاستفهام إنكار وتعجيب من ذهول الإنسان المنكر البعث عن خلقه الأول . وقرأ الجمهور { أو لا يذْكُر } بسكون الذال وضمّ الكاف من الذُكر - بضم الذال - . وقرأه أبو جعفر بفتح الذال وتشديد الكاف على أن أصله يتَذكر فقلبت التاء الثانية ذالاً لقرب مخرجيهما . والشيء هو الموجود ، أي إنا خلقناه ولم يك موجوداً . و قَبْلُ من الأسماء الملازمة للإضافة . ولما حذف المضاف إليه واعتبر مضافاً إليه مجملاً ولم يراع له لفظ مخصوص تقدّم ذكره بنيت قبلُ على الضمّ ، كقوله تعالى { لله الأمر من قبل ومن بعد } الروم 40 . والتقدير إنا خلقناه من قبل كلّ حالة هو عليها ، والتقدير في آية سورة الروم لله الأمر من قبلِ كل حَدث ومِن بعده . والمعنى الإنكار على الكافرين أن يقولوا ذلك ولا يتذكروا حال النشأة الأولى فإنها أعجب عند الذين يَجرون في مداركهم على أحكام العادة ، فإن الإيجاد عن عدم من غير سبق مثال أعجبُ وأدعى إلى الاستبعاد من إعادة موجودات كانت لها أمثلة . ولكنها فسدت هياكلها وتغيرت تراكيبها . وهذا قياس على الشاهد وإن كان القادر سواءً عليه الأمران .