Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 11-11)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءٰاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ } . تفريع حكم على حكم لتعقيب الشدّة باللين إن هم أقلعوا عن عداوة المسلمين بأن دخلوا في الإسلام لقصد مَحو أثر الحنق عليهم إذا هم أسلموا أعقب به جملة { إنهم ساء ما كانوا يعملون } التوبة 9 إلى قوله { المعتدون } التوبة 10 تنبيهاً لهم على أنّ تداركهم أمرهم هين عليهم ، وفرّع على التوبة أنّهم يصيرون إخواناً للمؤمنين . ولمّا كان المقام هنا لذكر عداوتهم مع المؤمنين جعلت توبتهم سبباً للأخوّة مع المؤمنين ، بخلاف مقام قوله قبله { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } التوبة 5 حيث إنّ المعقّب بالتوبة هنالك هو الأمر بقتالهم والترصّد لهم ، فناسب أن يفرّع على توبتهم عدم التعرّض لهم بسوء . وقد حصل من مجموع الآيتين أنّ توبتهم توجب أمنهم وأخُوّتهم . ومن لطائف الآيتين أن جعلت الأخوة مذكورة ثانياً لأنّها أخصّ الفائدتين من توبتهم ، فكانت هذه الآية مؤكّدة لأختها في أصل الحكم . وقوله { فإخوانكم } خبر لمحذوف أي فَهم إخوانكم . وصيغ هذا الخبر بالجملة الاسمية للدلالة على أنّ إيمانهم يقتضي ثبات الأخوّة ودوامَها ، تنبيهاً على أنّهم يعودون كالمؤمنين السابقين من قبل في أصل الأخوّة الدينية . والإخوان جمع أخ في الحقيقة والمجاز ، وأطلقت الأخوّة هنا على المودّة والصداقة . والظرفية في قوله { في الدين } مجازية تشبيهاً للملابسة القوية بإحاطة الظرف بالمظروف زيادة في الدلالة على التمكّن من الإسلام وأنّه يَجُبُّ ما قبله . { وَنُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } . اعتراض وتذييل ، والواو اعتراضية ، ومناسبة موقعه عقب قوله { اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً } التوبة 9 أنّه تضمّن أنّهم لم يهتدوا بآيات الله ونبذوها على علم بصحّتها كقوله تعالى { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم } الجاثية 23 ، وباعتبار ما فيه من فرض توبتهم وإيمانهم إذا أقلعوا عن إيثار الفساد على الصلاح ، فكان قوله { ونفصل الآيات لقوم يعلمون } جامعاً للحالين ، دالاً على أنّ الآيات المذكورة آنفاً في قوله { اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا } التوبة 9 آيات واضحة مفصّلة ، وأنّ عدم اهتداء هؤلاء بها ليس لنقص فيها ولكنّها إنّما يهتدي بها قوم يعلمون ، فإن آمنوا فقد كانوا من قوم يعلمون . ويفهم منه أنّهم إن اشتروا بها ثمناً قليلاً فليسوا من قوم يعلمون ، فنُزّل علمهم حينئذ منزلة عدمه لانعدام أثر العلم ، وهو العمل بالعلم ، وفيه نداء عليهم بمساواتهم لغير أهل العقول كقوله { وما يعقلها إلا العالمون } العنكبوت 43 . وحُذف مفعول { يعلمون } لتنزيل الفعل منزلة اللازم إذ أريد به لقوم ذوي علم وعقل . وعطف هذا التذييل على جملة { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } لأنّه به أعلق ، لأنّهم إن تابوا فقد صاروا إخوانا للمسلمين ، فصاروا من قوم يعلمون ، إذ ساووا المسلمين في الاهتداء بالآيات المفصّلة . ومعنى التفصيل تقدّم في قوله تعالى { وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين } من سورة الأنعام 55 .