Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 102, Ayat: 5-7)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لو : هنا شرطية : جوابها محذوف باتفاق قدره ابن كثير أي لو علمتم حق العلم ، لما ألهاكم التكاثر عن طلب الآخرة ، حتى صرتم إلى المقابر ، وعلم اليقين : أجاز أبو حيان إضافة الشيء لنفسه ، أي لمغايرة الوصف ، إذ العلم هو اليقين ، ولكنه آكد منه . وعن حسان قوله : @ سرنا وساروا إلى بدر لحتفهم لو يعلمون يقين العلم ما ساروا @@ ولترون الجحيم : جواب لقسم محذوف . وقال : المراد برؤيتها عند أول البعث ، أو عند الورود ، أو عند ما يتكشف الحال في القبر . ثم لترونها عين اليقين : قيل : هذا للكافر عند دخولها ، هذا حاصل كلام المفسرين . ومعلوم أن هذا ليس لمجرد الإخبار برؤيتها ، ولكن وعيد شديد وتخويف بها ، لأن مجرد الرؤية معلوم . وإن منكم إلا واردها ولكن هذه الرؤية أخص ، كما في قوله : { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا } [ الكهف : 53 ] ، أي أيقنوا بدليل قوله : { وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً } [ الكهف : 53 ] . وقد يبدو وجه في هذا المقام ، وهو أن الرؤية هنا للنار نوعان : الرؤية الأولى : رؤية علم وتيقن ، في قوله : { لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } ، علماً تستيقنون به حقيقة يوم القيامة لأصبحتم بمثابة من يشاهد أهواله ويشهد بأحواله ، كما في حديث الإحسان : " أَن تعبد الله كأنك تراه " . وقد وقع مثله في قصة الصديق لما أخبر نبأ الإسراء ، فقال : " صدق محمد ، فقالوا : تصدقه وأنت تسمع منه ؟ قال : إني لأصدقه على أكثر من ذلك " . فلعلمه علم اليقين بصدقه صلى الله عليه وسلم فيما يخبر ، صدق بالإسراء كأنه يراه . وتكون الرؤية الثانية ، رؤية عين ومشاهدة ، فهو عين اليقين . وقد قدمنا مراتب العلم الثلاث : علم اليقين ، وعين اليقين ، وحق اليقين . فالعلم : ما كان عن دلائل . وعين اليقين : ما كان عن مشاهدة . وحق اليقين : ما كان عن ملابسة ومخالطة ، كما يحصل العلم بالكعبة ، ووجهتها فهو علم اليقين ، فإذا رآها فهو عين اليقين بوجودها ، فإذا دخلها وكان في جوفها فهو حق اليقين بوجودها . والله تعالى أعلم .