Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 241-241)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ظاهر هذه الآية الكريمة أن المتعة حق لكل مطلقة على مطلقها المتقي ، سواء أطلقت قبل الدخول أم لا ؟ فرض لها صداق أم لا ؟ ويدل لهذا العموم قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } الأحزاب 28 مع قوله { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } الأحزاب 21 الآية - وقد تقرر في الأصول أن الخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم يعم حكمه جميع الأمة إلا بدليل على الخصوص كما عقده في مراقي السعود بقوله @ وما به قد خوطب النَّبي تعميمه في المذهب السني @@ وهو مذهب الأئمة الثلاثة ، خلافاً للشافعي القائل بخصوصه به صلى الله عليه وسلم إلا بدليل على العموم ، كما بيناه في غير هذا الموضع . وإذا عرفت ذلك فاعلم أن أزواج النَّبي مفروض لهن ومدخول بهن ، وقد يفهم من موضع آخر أن المتعة لخصوص المطلقة قبل الدخول . وفرض الصداق معاً . لأن المطلقة بعد الدخول تستحق الصداق ، والمطلقة قبل الدخول وبعد فرض الصداق تستحق نصف الصداق . والمطلقة قبلهما لا تستحق شيئاً ، فالمتعة لها خاصة لجبر كسرها وذلك في قوله تعالى { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ } البقرة 236 ثم قال { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } البقرة 237 فهذه الآية ظاهرة في هذا التفصيل ، ووجهه ظهر معقول . وقد ذكر تعالى في موضع آخر ما يدل على الأمر بالمتعة للمطلقة قبل الدخول وإن كان مفروضاً لها ، وذلك في قوله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } الأحزاب 49 . لأن ظاهر عمومها يشمل المفروض لها الصداق وغيرها ، وبكل واحدة من الآيات الثلاث أخذ جماعة من العلماء . والأحوط الأخذ بالعموم ، وقد تقرر في الأصول أن النص الدال على الأمر مقدم على الدال على الإباحة ، وعقده في مراقي السعود بقوله @ وناقل ومثبت والآمر بعد النواهي ثم هذا الآخر @@ على إباحة إلخ . فقوله ثم هذا الآخر على إباحة ، يعني أن النص الدال على أمر مقدم على النص الدال على إباحة ، للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب . والتحقيق أن قدر المتعة لا تحديد فيه شرعاً لقوله تعالى { عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدْرُهُ } البقرة 236 فإن توافقا على قدر معين فالأمر واضح ، وإن اختلفا فالحاكم يجتهد في تحقيق المناط ، فيعين القدر على ضوء قوله تعالى { عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ } البقرة 236 الآية هذا هو الظاهر وظاهر قوله { ومَتِّعُوهُنَّ } البقرة 236 وقوله { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ } البقرة 241 يقتضي وجوب المتعة في الجملة خلافاً لمالك ومن وافقه في عدم وجوب المتعة أصلاً ، واستدل بعض المالكية على عدم وجوب المتعة بأن الله تعالى قال { حَقّاً عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } البقرة 236 وقال { حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } البقرة 241 قالوا فلو كانت واجبة لكانت حقاً على كل أحد . وبأنها لو كانت واجبة لعين فيها القدر الواجب . قال مقيده - عفا الله عنه - هذا الاستدلال على عدم وجوبها لا ينهض فيما يظهر . لأن قوله { عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } البقرة 236 و { عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } البقرة 241 تأكيد للوجوب وليس لأحد أن يقول لست متقياً مثلاً . لوجوب التقوى على جميع الناس قال القرطبي في تفسير قوله تعالى ومتعوهن الآية ما نصه وقوله على المتقين تأكيد لإيجابها . لأن كل واحد يجب عليه أن يتقي الله في الإشراك به ومعاصيه وقد قال تعالى في القرآن { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } البقرة 2 ، وقولهم لو كانت واجبة لعين القدر الواجب فيها ، ظاهر السقوط . فنفقة الأزواج والأقارب واجبة ولم يعين فيها القدر اللازم ، وذلك النوع من تحقيق المناط مجمع عليه في جميع الشرائع كما هو معلوم .