Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 108-109)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } . قوله { يَوْمَئِذ } أي يوم إذ نسفت الجبال يتبعون الداعي . والداعي هو الملك الذي يدعوهم إلى الحضور للحساب . قال بعض أهل العلم يناديهم أيتها العظام النخرة ، والأوصال المتفرقة ، واللحوم المتمزقة ، قومي إلى ربك للحساب والجزاء ، فيسمعون الصوت ويتبعونه . ومعنى { لاَ عِوَجَ لَهُ } أي لا يحيدون عنه ، ولا يميلون يميناً ولا شمالاً . وقيل لا عوج لدعاء الملك عن أحد ، أي لا يعدل بدعائه عن أحد ، بل يدعوهم جميعاً . وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من اتباعهم للداعي للحساب ، وعدم عدولهم عنه بينه في غير هذا الموضع ، وزاد أنهم يسرعون إليه كقوله تعالى { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُو ٱلدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِر مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } القمر 6 - 8 والإهطاع الإسراع وقوله تعالى { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } ق 41 - 42 ، وقوله تعالى { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } الإسراء 52 الآية ، إلى غير ذلك من الآيات . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ } أي خفضت وخفتت ، وسكنت هيبة لله ، وإجلالاً وخوفاً { فَلاَ تَسْمَعُ } في ذلك اليوم صوتاً عالياً ، بل لا تسمع { إِلاَّ هَمْساً } أي صوتاً خفياً خافتاً من شدة الخوف . أو { إِلاَّ هَمْساً } أي إلا صوت خفق الأقدام ونقلها إلى المحشر - والهمس يطلق في اللغة على الخفاء ، فيشمل خفض الصوت وصوت الأقدام . كصوت أخفاف الإبل في الأرض التي فيها يابس النبات ، ومنه قول الراجز @ وهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا @@ وما ذكره جل وعلا هنا أشار له في غير هذا الموضع ، كقوله { رَّبِّ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } النبأ 37 - 38 . وقوله هنا { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ } طه 109 الآية ، قد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في " مريم " وغيرها ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا .