Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 111-111)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { عَنَتِ } أي ذلت وخضعت . تقول العرب عنا يعنو عنواً وعناء إذ ذلك وخضع ، وخشع . ومنه قيل للأسير عان . لذله وخضوعه لمن أسره . ومنه قول أمية بن أبي الصلت الثقفي @ مليك على عرش السماء مهيمن لعزته تعنو الوجوه وتسجد @@ وقوله أيضاً @ وعنا له وجهي وخلقي كله في الساجدين لوجهه مشكوراً @@ واعلم أن العلماء اختلفوا في هذه الآية الكريمة ، فقال بعضهم المراد بالوجوه التي ذلت وخشعت للحي القيوم وجوه العصا خاصة وذلك يوم القيامة وأسند الذل والخشوع لوجوههم ، لأن الوجه تظهر فيه آثار الذل والخشوع . ومما يدل على هذا المعنى من الآيات القرآنية قوله تعالى { فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } الملك 27 الآية ، وقوله { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } القيامة 24 - 25 ، وقوله تعالى { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } الغاشية 2 - 4 ، وعلى هذا القول انتصر الزمخشري واستدل له ببعض الآيات المذكورة . وقال بعض العلماء { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ } أي ذلت وخضعت وجوه المؤمنين لله في دار الدنيا ، وذلك بالسجود والركوع . وظاهر القرآن يدل على أن المراد الذل والخضوع لله يوم القيامة ، لأن السياق في يوم القيامة ، وكل الخلائق تظهر عليهم في ذلك اليوم علامات الذل والخضوع لله جل وعلا . وقوله في هذه الآية { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } قال بعض العلماء أي خسر من حمل شركاً . وتدل لهذا القول الآيات القرآنية الدالة على تسمية الشرك ظلماً . كقوله { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } لقمان 13 ، وقوله { وَٱلْكَافِرُونَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } البقرة 254 ، وقوله { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ } يونس 106 ، وقوله { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } يعم الشرك وغيره من المعاصي . وخيبة كل ظالم بقدر ما حمل من الظلم ، والعلم عند الله تعالى . وقوله في هذه الآية الكريمة { لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ } الحي المتصف بالحياة الذي لا يموت أبداً . والقيوم صيغة مبالغة . لأنه جل وعلا هو القائم بتدبير شؤون جميع الخلق . وهو القائم على كل نفس بما كسبت . وقيل القيوم الدائم الذي لا يزول .