Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 71-71)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الضمير في قوله { وَنَجَّيْنَاهُ } عائد إلى إبراهيم . قال أبو حيان في البحر المحيط وضمن قوله { وَنَجَّيْنَاهُ } معنى أخرجناه بنجاتنا إلى الأرض . ولذلك تعدى " نجَّيناه " بإلى . ويحتمل أن يكون " إلى " متعلقاً بمحذوف . أي منتهياً إلى الأرض ، فيكون في موضع الحال . ولا تضمين في " ونجَّيناه " على هذا . والأرض التي خرجا منها هي كوثى من أرض العراق ، والأرض التي خرجا إليها هي أرض الشام ا هـ منه . وهذه الآية الكريمة تشير إلى هجرة إبراهيم ومعه لوط من أرض العراق إلى الشام فراراً بدينهما . وقد أشار تعالى إلى ذلك في غير هذا الموضع . كقوله في " العنكبوت " { فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَىٰ رَبِّيۤ } العنكبوت 26 الآية ، وقوله في " الصافات " { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } الصافات 99 على أظهر القولين . لأنه فار إلى ربه بدينه من الكفار . وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } هذه الآية أصل في الهجرة والعزلة ، وأول من فعل ذلك إبراهيم عليه السلام ، وذلك حين خلصه الله من النار قال { إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي } أي مهاجر من بلد قومي ومولدي ، إلى حيث أتمكن من عبادة ربي { فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } الزخرف 27 فيما نويت إلى الصواب . وما أشار إليه جل وعلا من أنه بارك العالمين في الأرض المذكورة ، التي هي الشام على قول الجمهور في هذه الآية بقوله { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } بينه في غير الموضع . كقوله { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } الأنبياء 81 الآية ، وقوله تعالى { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } الإسراء 1 الآية . ومعنى كونه بارك فيها . هو ما جعل فيها من الخصب والأشجار والأنهار والثمار . كما قال تعالى { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } الأعراف 96 ومن ذلك أنه بعث أكثر الأنبياء منها . وقال بعض أهل العلم ومن ذلك أن كل ماء عذب أصل منبعه من تحت الصخرة التي عند بيت المقدس . وجاء في ذلك حديث مرفوع ، والظاهر أنه لا يصح . وفي قوله تعالى { إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } الأنبياء 71 أقوال أخر تركناها لضعفها في نظرنا . وفي هذه الآية الكريمة دليل على أن الفرار بالدين من دار الكفر إلى بلد يتمكن فيه الفار بدينه من إقامته دينه واجب . وهذا النوع من الهجرة وجوبه باق بلا خلاف بين العلماء في ذلك .