Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 73-73)

Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الضمير في قوله { جَعَلْنَاهُمْ } يشمل كل المذكورين إبراهيم ، ولوطاً وإسحاق ، ويعقوب ، كما جزم به أبو حيان في البحر المحيط ، وهو الظاهر . وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن الله جعل إسحاق ويعقوب من الأئمة ، أي جعلهم رؤساء في الدين يقتدى بهم في الخيرات وأعمال الطاعات وقوله " بِأَمْرِنَا " أي بما أنزلنا عليهم من الوحي والأمر والنهي ، أو يهدون الناس إلى ديننا بأمرنا إياهم ، بإرشاد الخلق ودعائهم إلى التوحيد . وهذه الآية الكريمة تبين أن طلب إبراهيم الإمامة لذريته المذكور في سورة " البقرة " أجابه الله فيه بالنسبة إلى بعض ذريته دون بعضها ، وضابط ذلك أن الظالمين من ذريته لا ينالون الإمامة بخلاف غيرهم . كإسحاق ويعقوب فإنهم ينالونها كما صرح به تعالى في قوله هنا { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً } . وطلب إبراهيم هو المذكور في قوله تعالى { وَإِذِ ٱبْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ } البقرة 124 . فقوله { وَمِن ذُرِّيَّتِي } أي واجعل من ذريتي أئمة يقتدى بهم في الخير . فأجابه الله بقوله { لاَ يَنَالُ عَهْدِي ٱلظَّالِمِينَ } أي لا ينال الظالمين عهدي بالإمامة . على الأصوب . ومفهوم قوله { ٱلظَّالِمِينَ } أن غيرهم يناله عهده بالإمامة ، كما صرح به هنا . وهذا التفصيل المذكور في ذرية إبراهيم أشار له تعالى في " الصافات " بقوله { وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ } الصافات 113 وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ } الأنبياء 73 أي أن يفعلوا الطاعات ، ويأمروا الناس بفعلها . وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة من جملة الخيرات ، فهو من عطف الخاص على العام . وقد قدمنا مراراً النكتة البلاغية المسوغة للإطناب في عطف الخاص على العام . وعكسه في القرآن . فأغنى ذلك عن إعادته هنا . وقوله { وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ } الأنبياء 73 أي مطيعين باجتناب النواهي وامتثال الأوامر بإخلاص . فهم يفعلون ما يأمرون الناس به ، ويجتنبون ما ينهونهم عنه . كما قال نبي الله شعيب { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } هود 88 الآية . وقوله { أَئِمَّةً } معلوم أنه جمع إمام ، والإمام هو المقتدى به ، ويطلق في الخير كما هنا ، وفي الشر كما في قوله { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } القصص 41 الآية . وما ظنه الزمخشري من الإشكال في هذه الآية ليس بواقع كما نبه عليه أبو حيان . والعلم عند الله تعالى . وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة { وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة } الأنبياء 73 لم تعوض هنا تاء عن العين الساقطة بالاعتلال على القاعدة التصريفية المشهورة . لأن عدم تعويضها عنه جائز كما هنا ، كما أشار إلى ذلك في الخلاصة بقوله @ … وألف بالإفعال واستفعال أزل لذا الإعلال والتا الزم عوض وحذفها بالنقل ربما عرض @@ وقد أشار في أبنية المصادر إلى أن تعويض التاء المذكورة من العين هو الغالب بقوله @ واستعذ استعاذة ثم أقم إقامة وغالباً ذا التا لزم @@ وما ذكرناه من أن التاء المذكورة عوض عن العين أجود من قول من قال إن العين باقية وهي الألف الباقية ، وأن التاء عوض عن ألف الإفعال .