Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 217-219)
Tafsir: at-Taḥrīr wa-t-tanwīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك ، أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً ، وتكون في الآية قرينة ، تدل على عدم صحته ، وذكرنا أمثلة متعددة لذلك في الترجمة وفيما مضى من الكتاب . وإذا علمت ذلك فاعلم أن قوله هنا : { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } قال فيه بعض أهل العلم المعنى : وتقلبك في أصلاب آبائك الساجدين : أي المؤمنين بالله كآدم ونوح ، وإبراهيم ، وإسماعيل . واستدل بعضهم لهذا القول فيمن بعد إبراهيم من آبائه بقوله تعالى عن إبراهيم { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ الزخرف : 28 ] وممن روى عنه هذا القول ابن عباس نقله عنه القرطبي ، وفي الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول وهي قوله تعالى قبله مقترناً به { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } فإنه لم يقصد به أنه يقوم في أصلاب الآباء إجماعاً ، وأول الآية مرتبطة بآخرها : أي الذي يراك حين تقوم إلى صلاتك ، وحين تقوم من فراشك ، ومجلسك { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } أي المصلين ، على أظهر الأقوال ، لأنه صلى الله عليه وسلم ، يتقلب في المصلين قائماً ، وساجداص وراكعاً ، وقال بعضهم : الذي يراك حين تقوم أي إلى الصلاة وحدك وتقلبك في الساجدين : أي المصلين إذا صليت بالناس . وقوله هنا : { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } الآية . يدل على الاعتناء به صلى الله عليه وسلم ، ويوضح ذلك قوله تعالى : { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَاً تَقُومُ } [ الطور : 48 ] الآية . وقوله : وتوكل قرأه عامة السبعة غير نافع وابن عامر : وتوكل بالواو ، وقرأه نافع وابن عامر فتوكل بالفاء ، وبعض نسخ المصحف العثماني فيها الواو وبعضها فيها الفاء ، وقوله هنا : { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفاتحة في الكلام على قوله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [ الفاتحة : 5 ] ، وبسطنا إيضاحه بالآيات القرآنية مع بيان التوكل في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى : { وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً } [ الإسراء : 2 ] .