Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 13-14)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والخطاب فى قوله { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا … } لأهل مكة الذين كانوا معاصرين للنبى - صلى الله عليه وسلم - ومناوئين لدعوته ، ويدخل فيه غيرهم ممن يصلح للخطاب على سبيل التبع . والقرون جمع قرن . والقرن - كما يقول القرطبى - الأمة من الناس ، قال الشاعر @ إذا ذهب القرن الذى كنت فيهم وخلفت فى قرن فأنت غريب @@ فالقرن كل عالم فى عصره ، مأخوذ من الاقتران ، أى عالم مقترن بعضهم إلى بعض . وفى الحديث الشريف " خير القرون قرنى - يعنى أصحابى - ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " . فالقرن على هذا مدة من الزمان . قيل ستون عاما ، وقيل سبعون ، وقيل ثمانون ، وقيل مائة سنة ، وعليه أكثر أصحاب الحديث ، أن القرن مائة سنة ، واحتجوا بأن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الله بن بسر " تعيش قرنا " فعاش مائة سنة . و { لما } ظرف بمعنى حين ، وهو متعلق بقوله { أَهْلَكْنَا } . والمعنى ولقد أهكلنا أهل القرون السابقة عليكم يا أهل مكة . حين استمروا فى ظلمهم وعنادهم ، وحين أصروا على كفرهم بعد أن جاءتهم رسلهم بالدلائل الدالة على وحدانية الله ، وعلى صدقهم فيها يبلغونه عن ربهم ، فعليكم - أيها الغافلون - أن تثوبوا إلى رشدكم ، وأن تتبعوا الحق الذى جاءكم به نبيكم كى لا يصيبكم ما أصاب الظالمين من قبلكم . وقوله { وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } يدل على إفراط أولئك المهلكين فى الظلم ، وبلوغهم فيه أقصى الغايات ، لأنهم مع وضوح الشواهد على صدق الرسل ، استمروا فى جحودهم وظلمهم . وقوله { وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } معطوف على { ظَلَمُواْ } . أى أهلكنا أهل القرون السابقين عليكم حين استمروا على ظلمهم ، وحين علم الله - تعالى - منهم الإِصرار على الكفر ، فإهلاكهم كان بسبب مجموع هذين الأمرين . وقوله { كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } تذييل قصد به التهديد والوعيد . أى مثل ذلك الجزاء الأليم وهو إهلاك الظالمين ، نجزى القوم المجرمين فى كل زمان ومكان . وقوله - سبحانه { ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } معطوف على قوله { أهلكنا } . والخلائف جمع خليفة . وهو كل من يخلف غيره ويأتى من بعده . أى ثم جعلناكم أيها المكلفون باتباع النبى - صلى الله عليه وسلم - خلفاء فى الأرض من بعد أولئك الأقوام المهلكين لنرى ونشاهد ونعلم أى عمل تعملون فى خلافتكم فنجازيكم على ذلك بالجزاء المناسب الذى تقتضيه حكمتنا وإرادتنا ، و { كيف } مفعول مطلق لـ { تعملون } لا { لننظر } لأن الاستفهام له الصدارة ، فلا يعمل فيه ما قبله . قال الآلوسى واستعمال النظر بمعنى العلم مجاز ، حيث شبه بنظر الناظر . وعيان المعاين فى تحققه . والمراد نعاملكم معاملة من يطلب العلم بأعمالكم ليجازيكم بحسبها ، كقوله - تعالى - { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } قال قتادة صدق الله ربنا ، ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا ، فأروا الله من أعمالكم خيرا ، بالليل والنهار . ثم حكى - سبحانه - بعض المقترحات الفاسدة التى اقترحها المشركون على النبى - صلى الله عليه وسلم - ورد عليها بما يبطلها فقال - تعالى - { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا … } .