Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 79-82)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أى وقال فرعون لخاصته بعد أن رأى من موسى الإصرار على دعوته ودعوة قومه إلى عبادة الله وحده ، وبعد أن شاهد عصاه وقد تحولت إلى ثعبان مبين . قال فرعون لخاصته بعد أن رأى كل ذلك من موسى - عليه السلام - { ٱئْتُونِي } أيها الملأ { بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ } أى بكل ساحر من أفراد مملكتى تكون عنده المهارة التامة فى فن السحر ، والخبرة الواسعة بطرقه وأساليبه . وقوله { فَلَمَّا جَآءَ ٱلسَّحَرَةُ … } معطوف على كلام محذوف يستدعيه المقام والتقدير ، فامتثال القوم أمر فرعون وأسرعوا فى إحضار السحرة ، فلما جاءوا والتقوا بموسى - عليه السلام - وخيروه بقوله { إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ } على سبيل التحدى { أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ } من ألوان سحركم ، ليرى الناس حقيقة فعلكم ، وليميزوا بين حقى وباطلكم . { فَلَمَّآ أَلْقُواْ } أى فلما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم . { قَالَ } لهم { مُوسَىٰ } على سبيل السخرية مما صنعوه . { مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } أى قال لهم موسى أيها السحرة ، إن الذى جئتم به هو السحر بعينه ، وليس الذى جئت به أنا مما وصفه فرعون وملؤه بأنه سحر مبين . وإن الذى جئتم به سيمحقه الله ويزيل أثره من النفوس ، عن طريق ما أمرنى الله به - سبحانه - من إلقاء عصاى ، فقد جرت سنته - سبحانه - أنه لايصلح عمل الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون وصنيعكم هذا هو من نوع الإِفساد وليس من نوع الإِصلاح . وقوله { وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } تأكيد لسنة الله - تعالى - فى تنازع الحق والباطل ، والصلاح والفساد . أى أنه جرت سنة الله تعالى - أن لا يصلح عمل المفسدين ، بل يمحقه ويبطله ، وأنه - سبحانه - يحق الحق أى يثبته ويقويه ويؤيده { بِكَلِمَاتِهِ } النافذة ، وقضائه الذى لا يرد ، ووعده الذى لا يتخلف { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ } ذلك لأن كراهيتهم لإِحقاق الحق وإبطال الباطل ، لا تعطيل مشيئة الله ، ولا تحول بين تنفيذ آياته وكلماته وقد كان الأمر كذلك فقد أوحى الله إلى موسى { أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ . فَوَقَعَ ٱلْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ثم انتقلت السورة الكريمة للحديث عن جانب مما دار بين موسى - عليه السلام - وبين قومه بنى إسرائيل ، إثر الحديث عن جابر مما دار بينه وبين فرعون وملئه وسحرته فقال - تعالى - { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ … }