Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 27-28)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال ابن كثير قال قتادة قال المشركون إنما هذا كلام يوشك أن ينفد ، فقال - تعالى - { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ … } . وعن ابن عباس " أن أحبار يهود قالوا للبنى صلى الله عليه وسلم أرأيت قولك { وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } ؟ إيانا تريد أم قومك ؟ فقال صلى الله عليه وسلم " كلا عنيت " فقالوا ألست تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها تبيان لكل شئ ؟ فقال صلى الله عليه وسلم " إنها فى علم الله قليل ، وعندكم من ذلك ما يكفيكم " وأنزل الله فيما سألوه عنه من ذلك { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } . و " لو " شرطية ، وجوابها { مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ … } و " من " فى قوله { مِن شَجَرَةٍ } للبيان ، وفى الآية الكريمة كلام محذوف يدل عليه السياق . والمعنى ولو أن ما فى الأرض من أشجار تحولت بغصونها وفروعها إلى أقلام ، ولو أن البحر - أيضا - تحول إلى مداد لتلك الأقلام ، وأمد هذا البحر بسبعة أبحر أخرى . وكتبت بتلك الأقلام ، وبذلك المداد كلمات الله التى يحيط بها علمه - تعالى - … لنفدت الأقلام ، ولنفد ماء البحر ، لتناهى كل ذلك ، وما نفدت كلمات الله - تعالى - ولا معلوماته ، لعد تناهيها . { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } لا يعجزه شئ ، ولا يغلبه غالب { حَكِيمٌ } فى كل أقواله وأفعاله . فالآية الكريمة المقصود منها بيان أن علم الله - تعالى لا نهاية له ، وأن مشيئته لا يقف أمامها شئ ، وكلماته لا أول لها ولا آخر . وقال - سبحانه - { مِن شَجَرَةٍ } بالإِفراد ، لأن المراد تفصيل الشجر واستقصاؤه شجرة فشجرة ، حتى لا تبقى واحدة من أنواع الأشجار إلا وتحولت إلى أقلام . وجمع - سبحانه - الأقلام ، للتكثير ، أى أقلام كثيرة يصعب عدها . والمراد بالبحر البحر المحيط بالأرض ، لأنه المتبادر من التعريف ، إذ هو الفرد الكامل . وإنما ذكرت السبعة بعد ذلك على وجه المبالغة دون إرادة الحصر ، وإلا فلو اجتمعت عشرات البحار ما نفدت كلمات الله . قال صاحب الكشاف فإن قلت مقتضى الكلام أن يقال ولو أن الشجر أقلام ، والبحر مداد ؟ قلت أغنى عن ذكر المداد قوله { يَمُدُّهُ } لأنه من قولك مد الدواة وأمدها . جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة ، وجعل الأبحر السبعة مملوءة مدادا ، فهى تصب فيه مدادها أبدا صبا لا ينقطع . فإن قلت الكلمات جمع قلة ، والموضع موضع التكثير لا التقليل ، فهلا قيل كلم الله ؟ . قلت معناه أن كلماته لا تفى بكتابها البحار فكيف بكلمه ؟ . وقال الآلوسى والمراد بكلماته - تعالى - كلمات علمه - سبحانه - وحكمته . وقيل المراد بها مقدوراته وعجائب خلقه ، والتى إذا أراد - سبحانه - شيئا منها قال له { كُنْ فَيَكُونُ } ثم أتبع - سبحانه - ذلك بيان نفاذ قدرته فقال { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ … } أى ما خلقكم - أيها الناس - جميعا ، ولا بعثكم يوم القيامة ، إلا كلخق نفس واحدة أو بعثها ، لأن قدرته - عز وجل - يتساوى معها القليل والكثير والصغير والكبير ، قال - تعالى - { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } وقال - سبحانه - { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } { إِنَّ ٱللَّهَ } - تعالى - { سَمِيعٌ } لكل شئ { بَصِيرٌ } بأحوال خلقه لا يخفى عليه شئ منهم . ثم ذكر - سبحانه - الناس بجانب من مظاهر قدرته ونعمه عليهم ، لكى يخلصوا له العبادة والطاعة ، فقال - تعالى - { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ … كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } .