Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 8-11)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أى إن الذين آمنوا بالله - تعالى - إيمانا حقا ، وعملوا الأعمال الصالحات { لَهُمْ } فى مقابلة ذلك { جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ } أى لهم جنات عالية يتنعمون فيها بما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . { خَالِدِينَ فِيهَا } خلودا أبديا { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً } أى هم خالدون فى تلك الجنات خلودا أبدا ، فقد وعدهم - سبحانه - بذلك ، ووعده حق وصدق ، ولن يخلفه - سبحانه - تفضلا منه وكرما . قال الجمل . وقوله { وَعْدَ } مصدر مؤكد لنفسه ، لأن قوله { لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ } فى معنى وعدهم الله ذلك . وقوله { حَقّاً } مصدر مؤكد لغيره . أى لمضمون تلك الجملة الأولى وعاملهما مختلف ، فتقدير الأولى وعد الله ذلك وعدا . وتقدير الثانية ، وحقه حقا . وقوله - تعالى - { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أى وهو - سبحانه - العزيز الذى لا يغلبه غالب . الحكيم فى كل أفعاله وتصرفاته . ثم بين - سبحانه - جانبا من مظاهر قدرته وعزته وحكمته فقال { خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا … } . والعمد جمع عماد . وهو ما تقام عليه القبة أو البيت . وجملة " ترونها " فى محل نصب حال من السماوات . أى هو - سبحانه - وحده ، الذى رفع هذه السماوات الهائلة فى صنعها وفى ضخامتها . بغير مستند يسندها . وبغير أعمدة تعتمد عليها . وأنتم ترون ذلك بأعينكم بدون لبس أو خفاء . ولا شك أن خلقها على هذه الصورة من أكبر الأدلة على أن لهذا الكون خالقا مدبرا قادرا حكيما ، هو المستحق للعبادة والطاعة . وقوله - تعالى - { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ } بيان لنعمة ثانية مما أنعم به - سبحانه - على عباده . والرواسى جمع راسية . والمراد بها الجبال الشوامخ الثابتة . أى ومن رحمته بكم ، وفضله عليكم ، أن ألقى - سبحانه - فى الأرض جبالا ثوابت كراهة أن تميد وتضطرب بكم ، وأنتم عليها . { وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ } أى وأوجد ونشر فى الأرض التى تعيشون فوقها ، من كل دابة من الدواب التى لا غنى لكم عنها والتى فيها منعفتكم ومصلحتكم . والبث معناه النشر والتفريق . يقال بث القائد خيله إذا نشرها وفرقها . ثم بين - سبحانه - نعمة ثالثة فقال { وَأَنزَلْنَا } أى بقدرتنا { مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } أى ماء كثيرا هو المطر ، { فَأَنْبَتْنَا فِيهَا } أى فأنبتنا فى الأرض بسبب نزول المطر عليها . { مِن كُلِّ زَوْجٍ } أى صنف { كَرِيمٍ } أى حسن جميل كثير المنافع . والإِشارة فى قوله { هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ … } تعود إلى ما ذكره - سبحانه - من مخلوقات قبل ذلك . والخلق بمعنى المخلوق . هذا الذى ذكرناه لكم من خلق السماوات والأرض والجبال … هو من مخلوقنا وحدنا ، دون أن يشاركنا فيما خلقناه مشارك . والفاء فى قوله - تعالى - { فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } واقعة فى جواب شرط مقدر ، أى إذا علمتم ذلك فأرونى وأخبرونى ، ماذا خلق الذين اتخذتموهم آلهة من دونه - سبحانه - إنهم لم يخلقوا شيئا ما ، بل هم مخلوقون لله - تعالى . فالمقصود بهذه الجملة الكريمة تحدى المشركين ، وإثبات أنهم فى عبادتهم لغير الله ، قد تجاوزوا كل حد فى الجهالة والضلالة . وقوله - سبحانه - { بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } إضراب عن تبكيتهم وتوبيخهم ، إلى تسجيل الضلال الواضح عليهم . أى بل الظالمون فى ضلال بين واضح ، لأنهم يعبدون آلهة لا تضر ولا تنفع ، ويتركون عبادة الله - تعالى - الخلاق العليم . ثم ساق - سبحانه - على لسان عبد صالح من عباده ، جملة من الوصايا الحكيمة ، لتكون عظة وعبر للناس ، فقال - تعالى - { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ … ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } .