Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 69-70)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي وما عَلَّمْنا الرسول صلى الله عليه وسلم وإنما الذى علمناه إياه هو القرآن الكريم ، المشتمل على ما يسعد الناس فى دنياهم وفى آخرتهم . فالمقصود من هذه الجملة الكريمة ، نفى أن يكون القرآن شعرا بأبلغ وجه لأن الذى علمه الله - تعالى - لنبيه هو القرآن وليس الشعر ، وما دام الأمر كذلك فالقرآن ليس شعراً . وقوله - تعالى - { وَمَا يَنبَغِي لَهُ } أى ما علمناه الشعر ، وإنما علمناه القرآن ، فقد اقتضت حكمتنا أن لا نجعل الشعر فى طبعه صلى الله عليه وسلم ولا فى سليقته ، فحتى لو حاوله - على سبيل الفرض - فإنه لا يتأتى له ، ولا يسهل عليه ولا يستقيم مع فطرته صلى الله عليه وسلم . والضمير فى قوله - تعالى - { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ } يعود إلى القرآن الكريم أى ما هذا القرآن الكريم إلا ذكر من الأذكار النافعة ، والمواعظ الناجحة ، والتوجيهات الحكيمة ، وهو فى الوقت نفسه { وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ } أى كتاب مقروء من الكتب السماوية الواضحة ، التى لا تختلط ولا تلتبس بكلام البشر . وقد أنزلناه على الرسول الكريم { لينذر } به { مَن كَانَ حَيّاً } . أى من كان مؤمناً عاملاً ذا قلب حى ، ونفس نقية ، وأذن واعية ، لأن من كانت هذه صفاته انتفع بالإنذار والتذكير . { وَيَحِقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } أى أن من كان ذا قلب فإنه ينتفع بالإِنذار ، أما من كان مصراً على كفره وضلاله ، فإن كلمة العذاب قد حقت عليه ، وصارت نهايته الإِلقاء به فى جهنم وبئس القرار . وقد تكلم المفسرون هنا كلاما مفصلاً . عن كون القرآن ليس شعراً ، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم ليس شاعراً ، وعلى رأسهم صاحب الكشاف فقد قال ما ملخصه كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه شاعر . فرد عليهم بقوله { وَمَا عَلَّمْنَاهُ ٱلشِّعْرَ } أى أن القرآن ليس بشعر ، وأين هو من الشعر . والشعر إنما هو كلام موزون مقفى يدل على معنى ، فأين الوزن ؟ وأين التقفية ؟ وأين المعانى التى ينتحيها الشعراء من معانيه ؟ وأين نظم كلامهم من نظمه وأساليبه … { وَمَا يَنبَغِي لَهُ } أى وما يصح له ، ولا يتطلبه إن طلبه ، أى جعلناه بحيث لو أراد قرض الشعر لم يتأت له . ولم يتسهل كما جعلناه أميا … لتكون الحجة أثبت ، والشبهة أدحض … فإن قلت فقوله @ أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب @@ قلت ما هو إلا كلام من جنس كلامه صلى الله عليه وسلم الذى كان يرمى به على السليفة . من غير صنعة ولا تكلف ، إلا أنه اتفق ذلك من غير قصد إلى ذلك ، ولا التفات منه إذا جاء موزونا ، كما يتفق فى كثير من إنشاءات الناس فى خطبهم ورسائلهم ، أشياء موزونة ، ولا يسميها أحد شعرا ، ولا يخطر ببال السامع ولا المتكلم أنها شعر … " ثم ذكر - سبحانه - المشركين ببعض النعم التى أسبغها عليهم ، والتى يرونها بأعينهم ، ويعلمونها بعقولهم ، وسلّى النبى صلى الله عليه وسلم عما لقيه منهم ، فقال - تعالى - { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ … } .