Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 19-28)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والهمزة فى قوله { أَفَرَأَيْتُمُ } للإِنكار والتهكم ، والفاء لترتيب الرؤية على ما سبق ذكره من صفات جليلة لله - تعالى - تدل على وحدانيته ، وكمال قدرته ، ومن ثناء على النبى - صلى الله عليه وسلم - وعلى جبريل - عليه السلام - والرؤية هنا ، علمية ومفعلوها الثانى محذوف ، لدلالة قوله - سبحانه - { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } عليه . و " اللات " اسم لصنم كان لثقيف بالطائف . قال الشاعر @ وفرت ثقيف إلى " لاتها " بمنقلب الخائب الخاسر @@ وكان هذا الصنم على هيئة صخرة مربعة ، قد بنوا عليه بناء ونقشوا عليه نقوشا ، وكانت قريش وجمهور العرب ، يعظمونه ويعبدونه … وكأنهم قد سموه بهذا الاسم ، على سبيل الاشتقاق من اسم الله - تعالى - فقالوا " اللات " قصداً للتأنيث … و { وَٱلْعُزَّىٰ } فُعْلَى من العز . وهى اسم لصنم ، وقيل لشجرة حولها بناء وأستار ، وكانت بمكان يقال له نخلة ، بين مكة والطائف ، وكانت قريش تعظمها ، كما قال أبو سفيان يوم أحد " لنا العزى ولا عزى لكم " . فقال - صلى الله عليه وسلم - قولوا له " الله مولانا ولا مولى لكم " . ولعلهم قد سموها بذلك . أخذا من لفظ العزيز ، أو من لفظ العز ، فهى تأنيث الأعز ، كالفضلى والأفضل . وأما " مناة " فكانت صخرة ضخمة ، بمكان يقال له المشلل ، بين مكة والمدينة ، وكانت قبيلة خزاعة والأوس والخزرج فى جاهليتهم يعظمونها ويهلون منها للحج إلى الكعبة . قالوا وسميت بهذا الاسم ، لأن دماء الذبائح كانت تمنى عندها ، أى تراق وتسكب . والمعنى لقد ذكرنا لكم - أيها المشركون - ما يدل على وحدانيتنا ، وكمال قدرتنا ، وسمو منزلة نبينا - صلى الله عليه وسلم - … فأخبرونى بعد ذلك ما شأن هذه الأصنام التى لا تضر ولا تنفع ، كاللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى . إنها أشياء فى غاية الحقارة والعجز ، فكيف سويتم بينها وبين الخالق - عز وجل - فى العبادة ، وكيف أبحتم لأنفسكم تعظيمها ، وزعمتم أنها بنات الله … ؟ . فالمقصود بالاستفهام التعجيب من أحوالهم ، والتجهيل لعقولهم . ويصح أن تكون الرؤية فى قوله - سبحانه - { أَفَرَأَيْتُمُ } بصرية ، فلا تحتاج إلا لمفعول واحد . أى انظروا بأعينكم إلى تلك الأصنام ، التى من أشهرها اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ، أترونها تملك الدفاع عن نفسها فضلا عن غيرها ؟ إنها لا تملك شيئا ، فكيف عظمتموها مع حقارتها وعجزها ؟ والاستفهام - أيضا - للتهكم بهم ، والتعجيب من تفكيرهم السقيم . قال الآلوسى والظاهر أن " الثالثة الأخرى " صفتان لمناة . وهما على ما قيل للتأكيد … وقال بعض الأجلة الثالثة للتأكيد . و { ٱلأُخْرَىٰ } للذم بأنها متأخرة فى الرتبة ، وضيعة المقدار . . والكلام خطاب لعبدة هذه المذكورات ، وقد كانوا مع عبادتهم لها يقولون إن الملائكة - عليهم السلام - وتلك المعبودات الباطلة ، بنات الله . - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فقيل لهم تويبخا وتبكيتا { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ … } الخ . وقوله - سبحانه - { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } توبيخ آخر لهم على جهلهم ، وبيان لسبب التوبيخ والتهكم … ولفظ " ضيزى " بمعنى جائرة وظالمة . يقال ضاز فلان فى حكمه ، إذا جار وظلم ولم يراع القسط فى أقواله وأفعاله ، ويقال ضاز فلان فلانا حقه ، إذا بخسه ونقصه … قال الجمل ما ملخصه قرأ الجمهور { ضِيزَىٰ } من ضازه يضيزه . إذا جار عليه ، فمعنى " ضيزى " جائرة . وعلى هذا فتحتمل وجهين أحدهما أن تكون صفة على " فعلى " ، - بضم الفاء - وإنما كسرت الفاء لتصح الياء كبيض - جمع أبيض - … وثانيهما أن تكون من ضأزه بالهمز كقراءة ابن كثير ، إلا أن الهمزة قد خففت … ومعنى ضأزه يضأزه نقصه … أى أجعلتم لله - تعالى - البنات ، وجعلتم لأنفسكم البنين ، مع تفضيلكم للبنين على البنات ، ومع اعترافكم بأن الله - تعالى - هو الخالق لكم ولكل شىء . إن فعلكم هذا لهو فى غاية الجور والظلم ، لأنكم نسبتم إلى الله - تعالى - وهو خالقكم ما استنكفتم من نسبه لأنفسكم … فأنت ترى أنه - سبحانه - لم يكتف بوصفهم بالكفر ، بل أضاف إلى ذلك وصفهم بالجور والحمق وانطماس البصيرة . وجملة { تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } تعليل للإِنكار والتوبيخ المستفاد من الاستفهام فى قوله { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } . وقدم - سبحانه - الجار والمجرور فى قوله { أَلَكُمُ … } لإِفادة التخصيص . والإِشارة بتلك تعود إلى القسمة المفهومة من قوله { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ } و { إِذاً } فى قوله { تِلْكَ إِذاً … } حرف جواب . أى إن كان الأمر كما زعمتم ، فقسمتكم إذا قسمة جائرة ظالمة . ثم بين لهم - سبحانه - وجه الحق فى هذه الأصنام فقال { إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ … } . أى ما هذه الأصنام التى عبدتموها من دون الله ، أو توهمتم أنها تشفع لكم عنده - تعالى - . ما هى إلا أسماء محضة ، ليس فيها شىء أصلا من صفات الألوهية ، وأنتم وآباؤكم سميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم ، دون أن يكون معكم على هذه التسمية شىء من الحجة أو الدليل أو البرهان … فالضمير " هى " يعود إلى اللات والعزى ومناة وغيرها من الآلهة الباطلة . والمراد بقوله { أَسْمَآءٌ } أنها ليس لها من الألوهية التى أثبتوها لها سوى اسمها ، وأما معناها وحقيقتها فهى أبعد ما تكون عن ذلك … وجملة " سميتموها " صفة للأسماء ، والهاء هى المفعول الثانى ، والمفعول الأول محذوف ، والتقدير إن هى إلا أسماء سميتموها الأصنام ، أى سميتم بها الأصنام . والمراد بالسلطان الحجة والدليل ، والمراد بالإِنزال الإِخبار بأنها آلهة و " من " مزيدة لتوكيد عدم الإِنزال على سبيل القطع والبت … أى ما أخبر الله - تعالى - عنها بأنها آلهة ، بأى لون من ألوان الإِخبار ، ولا توجد حجة من الحجج حتى ولو كانت واهية تشير إلى ألوهيتها … ثم يهمل - سبحانه - خطابهم بعد ذلك ، ويذرهم فى أوهامهم يعمهون ، ويلتفت بالحديث عنهم حتى كأنهم لا وجود لهم ، فيقول { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ … } . أى ما يتبع هؤلاء الجاهلون فى عبادتهم لتلك الآلهة الباطلة ، إلا الظنون الكاذبة ، وإلا ما تشتهيه أنفسهم الأمارة بالسوء ، وتقليد للآباء بدون تفكر أو تدبر … فالمراد بالظن هنا الظن الباطل الذى يقوم على الاعتقاد الفاسد ، كما فى قوله - تعالى - { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } والتعريف فى قوله - سبحانه - { وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ } عوض عن المضاف إليه . و { مَا } موصولة والعائد محذوف . أى والذى تهواه أنفسهم التى استحوذ عليها الشيطان … وجملة { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } حالية من فاعل " يتبعون " ، وجىء بها لزيادة التعجب من حالهم . أى هم ما يتبعون إلا الظنون وما تهواه أنفسهم المحجوبة عن الحق ، والحال أنه قد جاء إليهم ، ووصل إلى مسامعهم من ربهم ، ما يهديهم إلى الصواب لو كانوا يعقلون . وأكد - سبحانه - هذه الجملة بلام القسم وقد ، لتأكد الخبر ، ولزيادة التعجب من أحوالهم التى بلغت الغاية فى الغرابة … والتعبير بقوله { جَآءَهُم } يشعر بأن الحق قد وصل إليهم بدون عناء منهم ، ولكنهم مع ذلك رفضوه وأعرضوا عنه . والتعريف فى لفظ " الهدى " يدل على كماله وسموه . أى . ولقد جاءهم من ربهم الهدى الكامل الذى ينتهى بمن يتبعه إلى الفوز والسعادة . والمراد به ما جاء به النبى - صلى الله عليه وسلم - من قرآن كريم ومن سنة مطهرة … ثم بين - سبحانه - أن شهوات النفس ومطالبها وأمنياتها لا تتحقق إلا فى الإِطار الذى يريده الله - تعالى - لها ، فقال { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } . والاستفهام هنا - أيضا - للإِنكار ، ولإِبطال اتباعهم للظنون ولما تهوان أنفسهم … أى إن هؤلاء قد اتبعوا فى ضلالهم وكفرهم الظنون والأوهام ، وما تشتهيه قلوبهم من حب للرياسة ، ومن تقليد للآباء ، ومن تطلع إلى أن هذه الأصنام ستشفع لهم عند الله - تعالى - … مع أن وقائع الحياة وشواهدها التى يرونها بأعينهم ، تدل دلالة واضحة ، على أنه ليس كل ما يتمناه الإِنسان يدركه ، وليس كل ما يريده يتحقق له … لأن كل شىء فى هذه الحياة مرهون بإرادته ومشيئته - سبحانه - وهو - عز وجل - صاحب الدار الآخرة ، وصاحب الدار الأولى وهى دار الدنيا ، ولا يقع فيهما إلا ما يريده . . فالمقصود من الآيتين الكريمتين ، نفى ما كان يتمناه أولئك المشركون من شفاعة أصنامهم لهم يوم القيامة ، كما حكى عنهم - سبحانه - ذلك فى قوله { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ … } ونفى ما كانت تتطلع إليه نفوس بعضهم ، من نزول القرآن عليه ، أو من اختصاصه بالنبوة . فقد حكى - سبحانه - عنهم قولهم { … لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } كما أن المقصود بها كذلك ، ترويض النفس البشرية على عدم الجرى وراء ظنونها وأهوائها ، بل عليها أن تتمسك بالحق ، وأن تعتصم بطاعة الله - تعالى - وأن تباشر الأسباب التى شرعها - سبحانه - ، ثم بعد ذلك تترك النتائج له يسيرها كيف يشاء ، فإن له الآخرة والأولى . وقدم - سبحانه - الجار والمجرور فى قوله { أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ } لإِفادة أن هذا التمنى هو محط الإِنكار ، وأن الإِنسان العاقل هو الذى لا يجرى وراء أمنياته ، وإنما هو الذى يسعى إلى تحقيق ما أمره الله - تعالى - به من تكاليف . وقدم - سبحانه - الآخرة على الأولى ، لأنها الأهم ، إذ نعيمها هو الخالد الباقى ، أما شهوات الدنيا وملذاتها ، فهى مهما كثرت ، زائلة فانية . ثم بين - سبحانه - أن الملائكة مع سمو منزلتهم ، وشدة حرصهم على طاعة الله - تعالى - ، لا يملكون الشفاعة لأحد إلا بإذنه - عز وجل - فقال { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ لاَ تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ } . و " كم " هنا خبرية بمعنى كثير ، وهى فى موضع رفع على الابتداء ، وخبرها جملة ، " لا تغنى شفاعتهم … " وهى وإن كانت مفردة لفظا ، إلا أنها فى معنى الجمع … أى وكثير من الملائكة المقربين لدينا فى السموات العلا ، لا تغنى شفاعتهم عندنا شيئا من الأشياء . إلا من بعد أن يأذن الله - تعالى - لهم فيها ، لمن يشاء أن يشفعوا له ، ويرضى - سبحانه - عن هذا المشفوع له . فالآية الكريمة من قبيل ضرب المثل للمشركين ، الذين توهموا أن أصنامهم ستشفع لهم ، وكأنه - سبحانه - يقول لهم إذا كان الملائكة مع سمو منزلتهم عندنا لا يشفعون إلا بإذننا ، ولمن نرضى عنه … فكيف وصل بكم الجهل والحمق - أيها المشركون - إلى توهم أن أصنامكم - مع خستها وحقارتها - ستشفع لكم عندنا ؟ . وقوله { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ } صفة " لملك " والمقصود بهذه الصفى التشريف والتكريم . وقوله { شَيْئاً } التنكير فيه للتقليل والتعميم ، وهو فى موقع المفعول المطلق . أى لا تغنى شفاعتهم شيئا من الإِغناء حتى ولو كان فى غاية القلة . . وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ … } وقوله - سبحانه - { … وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } وهذه الآيات الكريمة بجانب تيئيسها للكافرين من الحصول على أية شفاعة ، لأنهم ليسوا ممن رضى الله عنهم ، تدعو المؤمنين إلى مواصلة المحافظة على أداء حقوقه - سبحانه - ، لينالوا رضاه عنهم يوم القيامة ، وليكونوا أهلا للحصول على الشفاعة التى يبغونها . ثم عادت السورة إلى ذم الكافرين الذين وصفوا الملائكة بصفات لا تليق بهم . فقال - تعالى - { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } وما فيها من حساب وجزاء وثواب وعقاب … { لَيُسَمُّونَ ٱلْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ ٱلأُنْثَىٰ } أى ليصفون الملائكة بوصف الإِناث فيقولون الملائكة بنات الله كما قال - تعالى - { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } ولفظ " الملائكة " هنا فى معنى استغراق كل فرد ، أى ليسمون كل واحد منهم ويصفونه بصفة الأنوثة . وقوله - سبحانه - { وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ … } رد عليهم فيما قالوه ، وتجهيل لهم فيما زعموه ، والجملة حال من ضمير " ليسمون " . أى إنهم ليصفون الملائكة بالأنوثة ، والحال أنهم لا علم لهم بتكوين هؤلاء الملائكة ، أو بصفتهم … وإنما يتبعون الظن الباطل فى أقوالهم وأحكامهم . { … وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } أى وإن الظن الباطل ، والاعتقاد الخاطىء لا يغنى فى معرفة الحق شيئا ، حتى ولو كان هذا الشىء قليلا ، لأن العقائد السليمة ، لا تبنى على الظنون والأوهام ، وإنما تبنى على الحقائق الراسخة والعلوم الثابتة . وأظهر - سبحانه - لفظ الظن هنا ، مع تقدم ذكره لتكون الجملة مستقلة بنفسها ، ولتكون - أيضا - بمثابة المثل الذى يقال فى الموضع الذى يناسبه . وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة ، قد وبخت المشركين على شركهم بأسلوب منطقى سليم ، حيث ساقت لهم الحقائق فى أسلوب يغلب عليه طابع الموازنة والمقارنة ، والاستشهاد بالواقع ، ووضع أيديهم على أماكن الدواء ، لو كانوا من يريدونه ، ويبحثون عنه . وبعد هذا البيان الحكيم الذى يحق الحق ، ويبطل الباطل ، أمر الله - تعالى - نبيه - صلى الله عليه وسلم - أى يمضى فى طريقه الذى رسمه - سبحانه - له ، وأن يترك حساب هؤلاء الضالين لله - تعالى - الذى يجازى كل نفس بما كسبت ، والذى يعلم السر وأخفى ، والذى رحمته وسعت كل شىء … فقال - تعالى - { فَأَعْرِضْ عَن … } .