Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 65, Ayat: 4-7)

Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال القرطبى قوله - تعالى - { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ } لما بين - سبحانه - أمر الطلاق والرجعة فى التى تحيض ، وكانوا قد عرفوا عدة ذوات الأقراء ، عرفهم - سبحانه - فى هذه السورة عدة التى لا ترى الدم . وقال أبو عثمان عمر بن سالم لما نزلت عدة النساء فى سورة " البقرة " فى المطلقة والمتوفى عنها زوجها ، قال أبى بن كعب يا رسول الله ، إن ناسا يقولون قد بقى من النساء من لم يذكر فيهن شىء ، الصغار وذوات الحمل ، فنزلت هذه الآية . وقال مقاتل لما ذكر - سبحانه - قوله { وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ … } قال خلاد بن النعمان يا رسول الله فما عدة التى لم تحض ، وما عدة التى انقطع حيضها ، وعدة الحبلى ، فنزلت هذه الآية … وجملة { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ … } معطوفة على قوله - تعالى - قبل ذلك { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ … } لبيان أحكام أخرى تتعلق بعدة نوع آخر من النساء بعد بيان عدة النساء ذوات الأقراء . والمراد باللائى يئسن من المحيض النساء اللائى تقدمن فى السن ، وانقطع عنهن دم الحيض . وقوله { يَئِسْنَ } من اليأس ، وهو فقدان الأمل من الحصول على الشىء . والمراد بالمحيض دم الحيض الذى يلفظه رحم المرأة فى وقت معين ، وفى حال معينة … وقوله { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } من الريبة بمعنى الشك . قوله { وَٱللاَّئِي } اسم موصول مبتدأ ، وقوله { يَئِسْنَ } صلته ، وجملة الشرط والجزاء وهى قوله { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ } خبره . والمعنى لقد بينت لكم - أيها المؤمنون - عدة النساء المعتدات بالمحيض ، أما النساء المتقدمات فى السن واللائى فقدن الأمل فى رؤية دم الحيض ، فعليكم إن ارتبتم ، وشككتم فى عدتهن أو جهلتموها ، أن تقدروها بثلاثة أشهر . هذا ، وقد قدر بعضهم سن اليأس بالنسبة للمرأة بستين سنة ، وبعضهم قدره بخمس وخمسين سنة . وبعضهم لم يحدده بسن معينة ، بل قال إن هذا السن يختلف باختلاف الذوات والأفطار والبيئات … كاختلاف سن ابتداء الحيض . وقوله - تعالى - { وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ } معطوف على قوله { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ } وهو مبتدأ وخبره محذوف لدلالة ما قبله عليه . والتقدير واللائى يئسن من المحيض من نسائكم ، إن إرتبتم فى عدتهن ، فعدتهن ثلاثة أشهر ، واللاتى لم يحضن بعد لصغرهن ، وعدم بلوغهن سن المحيض … فعدتهن - أيضا - ثلاثة أشهر . ثم انتقلت السورة الكريمة إلى بيان عدة المرأة ذات الحمل ، فقال - تعالى - { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ … } . وقوله { وَأُوْلاَتُ } اسم جمع للفظ ذات . بمعنى صاحبة ، لأنه لا مفرد لكلمة { أُوْلاَتُ } من لفظها ، كما أنه لا مفرد من لفظها لكلمة " أولو " التى هى بمعنى أصحاب ، وإنما مفردها " ذو " . والأحمال جمع حمل - بفتح الحاء - كصحب وأصحاب ، والمراد به الجنين الذى يكون فى بطن المرأة . والأجل انتهاء المدة المقدرة للشىء . وقوله { أُوْلاَتُ … } مبتدأ ، و { أَجَلُهُنَّ } مبتدأ ثان ، وقوله { أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } خبر المبتدأ الثانى ، والمبتدأ وخبره ، خبر الأولى . والمعنى والنساء ذوات الأحمال { أَجَلُهُنَّ } أى نهاية عدتهن ، أن يضعن ما فى بطونهن من حمل ، فمتى وضعت المرأة ما فى بطنها ، فقد انقضت عدتها ، لأنه ليس هناك ما هو أدل على براءة الرحم ، من وضع الحمل . وهذا الحكم عام فى كل ذوات الأحمال ، سواء أكن مطلقات ، أم كن قد توفى عنهن أزواجهن . وقد ساق الإِمام ابن كثير جملة من الأحاديث التى تؤيد ذلك ، ومن تلك الأحاديث ما رواه الشيخان ، من أن سبيعة الأسلمية وضعت بعد موت زوجها بأربعين ليلة ، فخطبت فأنكحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحد أصحابه . وعن أبى بن كعب قال قلت للنبى - صلى الله عليه وسلم - { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } للمطلقة ثلاثا وللمتوفى عنها زوجها ؟ فقال هى للمطلقة ثلاثا وللمتوفى عنها . قالوا ولا تعارض بين هذه الآية ، وبين قوله - تعالى - فى سورة البقرة { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً … } لأن آية سورة البقرة ، خاصة بالنساء اللائى توفى عنهن أزواجهن ولم يكن هؤلاء النساء من ذوات الأحمال . وفى هذه المسألة أقوال أخرى مبسوطة فى مظانها … ثم كرر - سبحانه - الأمر بتقواه ، وبشر المتقين بالخير العميم فقال { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } - تعالى - فينفذ ما كلف به . ويبتعد عما نهى عنه . { يَجْعَل لَّهُ } سبحانه { مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } أى يجعل له من الأمر العسير أمرا ميسورا . ويحول له الأمر الصعب إلى أمر سهل ، لأنه - سبحانه - له الخلق والأمر … { ذَلِكَ } الذى ذكرناه لكم من أحكام { أَمْرُ ٱللَّهِ } أى حكمه وشرعه { أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ } لتعلموا به ، وتسيروا على هديه . { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } - تعالى - فى كل شئونه وأحواله … { يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ } أى يمح عنه ذنوبه ، ولا يؤاخذه عليها ، { وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } أى ويضاعف له حسناته ، ويجزل له العطاء والمثوبة يوم القيامة . ثم أمر - سبحانه - الرجال بأن يحسنوا معاملة النساء المطلقات ، ونهاهم عن الإِساءة إليهن بأى لون من ألوان الإِساءة فقال { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ … } والخطاب للرجال الذين يريدون فراق أزواجهن ، والضمير المنصوب فى قوله { أَسْكِنُوهُنَّ } يعود إلى النساء المطلقات . و { مِنْ } للتبعيض ، والوجد السعة والقدرة . أى أسكنوا المطلقات فى بعض البيوت التى تسكنونها والتى فى وسعكم وطاقتكم إسكانهن فيها . قال صاحب الكشاف قوله { أَسْكِنُوهُنَّ } وما بعده بيان لما شرط من التقوى فى قوله { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ . … } كأنه قيل كيف نعمل بالتقوى فى شأن المعتدات ؟ فقيل { أَسْكِنُوهُنَّ } . فإن قلت فقوله { مِّن وُجْدِكُمْ } ما موقعه ؟ قلت هو عطف بيان لقوله { مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم } ، وتفسير له ، كأنه قيل أسكنوهن مكانا من مسكنكم مما تطيقونه . والسكنى والنفقة واجبتان لكل مطلقة . وعند مالك والشافعى ليس للمبتونة إلا السكن ولا نفقة لها ، وعن الحسن وحماد لا نفقه لها ولا سكنى ، لحديث فاطمة بنت قيس " أن زوجها أبتَّ طلاقها ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا سكنى لك ولا نفقة … " . ثم أتبع - سبحانه - الأمر بالإِحسان إلى المطلقات ، بالنهى عن إلحاق الأذى بهن فقال { وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ … } . أى ولا تستعملوا معهن ما يؤذيهن ويضرهن ، لكى تضيقوا عليهن ما منحه الله - تعالى - لهن من حقوق ، بأن تطيلوا عليهن مدة العدة ، فتصبح الواحدة منهن كالمعلقة ، أو بأن تضيقوا عليهن فى السكنى ، حتى يلجأن إلى الخروج ، والتنازل عن حقوقهن . وقوله - تعالى - { وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ … } أى وإن كان المطلقات أصحاب حمل - فعليكم يا معشر الأزواج - أن تقدموا لهن النفقة المناسبة ، حتى يضعن حملهن . قال الإِمام ابن كثير قال كثير من العلماء منهم ابن عباس ، وطائفة من السلف . هذه هى البائن ، إن كانت حاملا أنفق عليها حيث تضع حملها ، قالوا بدليل أن الرجعية تجب نفقتها سواء أكانت حاملا أم غير حامل . وقال آخرون بل السياق كله فى الرجعيات ، وإنما نص على الإِنفاق على الحامل - وإن كانت رجعية - لأن الحمل تطول مدته غالبا . فاحتيج إلى النص على وجوب الإِنفاق إلى الوضع ، لئلا يتوهم أنه إنما تجب النفقة بمقدار مدة العدة … ولما كان الحمل ينتهى بالوضع ، انتقلت السورة الكريمة إلى بيان ما يجب للمطلقات بعد الوضع ، فقال - تعالى - { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } . أى عليكم - أيها المؤمنون - أن تقدموا لنسائكم ذوات الحمل اللائى طلقتموهن طلاقا بائنا ، عليكم أن تقدموا لهن النفقة حتى يضعن حملهن ، فإذا ما وضعن حملهن وأرادوا أن يرضعن لكم أولادكم منهن ، فعليكم - أيضا - أن تعطوهن أجورهن على هذا الإِرضاع ، وأن تلتزموا بذلك لهن . وقد أخذ العلماء من هذه الآية أن الأم المطلقة طلاقا بائنا ، إذا أرادت أن ترضع ولدها بأجر المثل ، فليس لأحد أن يمنعها من ذلك ، لأنها أحق به من غيرها ، لشدة شفقتها عليه … وليس للأب أن يسترضع غيرها حينئذ . كما أخذوا منها - أيضا - أن نفقة الولد الصغير على أبيه ، لأنه إذا لزمته أجرة الرضاع ، فبقية النفقات الخاصة بالصغير تقاس على ذلك . وقوله - سبحانه - { وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } حض منه - سبحانه - للآباء والأمهات على التعاون والتناصح فى وجوه الخير والبر . والائتمار معناه التشاور وتبادل الرأى ، وسمى التشاور بذلك لأن المتشاورين فى مسألة ، يأمر أحدهما الآخر بشىء فيستجيب لأمره ، ويقال أئتمر القوم وتآمروا بمعنى واحد . أى عليكم - أيها الآباء والأمهات - أن تتشاوروا فيما ينفع أولادكم ، وليأمر بعضكم بعضا بما هو حسن ، فيما يتعلق بالإِرضاع والأجر وغيرهما . وقوله - تعالى - { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } إرشاد إلى ما يجب عليهما فى حالة عدم التراضى على الإِرضاع أو الأجر . والتعاسر مأخوذ من العسر الذى هو ضد اليسر والسماحة ، يقال تعاسر المتبايعان ، إذا تمسك كل واحد منهما برأيه ، دون أن يتفقا على شىء . أى وإن اشتد الخلاف بينكم ، ولم تصلوا إلى حل ، بأن امتنع الأب عن دفع الأجرة للأم ، أو امتنعت الأم عن الإِرضاع إلا بأجر معين . فليس معنى ذلك أن يبقى المولود جائعا بدون رضاعة ، بل على الأب أن يبحث عن مرضعة أخرى ، لكى ترضع له ولده ، فالضمير فى قوله { لَهُ } يعود على الأب . قال صاحب الكشاف قوله { وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } أى فستوجد مرضعة غير الأم ترضعه ، وفيه طرف من معاتبة الأم على المعاسرة ، كما تقول لمن تستقضيه حاجة فيتوانى سيقضيها غيرك . تريد لن تبقى غير مقضية وأنت ملوم . وقد علق المحشى على الكشاف بقوله وخص الأم بالمعاتبة ، لأن المبذول من جهتها هو لينها وهو غير متمول ولا مضنون به فى العرف ، وخصوصا فى الأم على الولد ، ولا كذلك المبذول من جهة الأب ، فإنه المال المضنون به عادة فالأم إذاً أجدى باللوم ، وأحق بالعتب … قالوا وفى هذه الجملة - أيضا - طرف من معاتبة الأب ، لأنه كان من الواجب عليه أن يسترضى الأم ، ولا يكون مصدر عسر بالنسبة لها ، حرصا على مصلحة الولد . ثم رسم - سبحانه - لعباده المنهج الذى لو ابتعوه لعاشوا آمنين مطمئنين فقال { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ } . والإِنفاق بذل المال فى المصالح المتنوعة التى أحلها الله - تعالى - ، كالمأكل والمشرب ، والملبس ، والمسكن ، وإعطاء كل ذى حق حقه … والسعة البسطة فى المال والرزق . أى على كل من أعطاه الله - تعالى - سعة وبسطة فى المال والرزق ، أن ينفق مما أعطاه الله - تعالى - وأن لا يبخل ، فإن البخل صفة قبيحة ، ولا سيما فى الأغنياء . فعليكم - أيها الآباء - أن تعطوا بسخاء كل من يستحقون العطاء ، وعلى رأسهم الأمهات لأولادكم ، اللائى يقمن بإرضاعهم بعد مفارقتكم لهن ، وأن لا تبخلوا عليهن فى أجرة الرضاع ، أو فى النفقة على الأولاد . ثم قال - تعالى - { وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ … } أى ومن كان رزقه ضيقا وليس واسعا . . فلينفق على قدر ماله ورزقه وطاقته ، مما آتاه الله - تعالى - من رزق . وقوله { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا … } تعليل لما قبله ، أى فلينفق كل إنسان على نفسه وعلى زوجه ، وعلى أولاده ، وعلى أقاربه ، وعلى غيرهم . على حسب حاله ، فإن كان موسرا أنفق على حسب يسره ، وإن كان معسرا أنفق على حسب عسره … لأن الله - تعالى - لا يكلف نفسا إلا بقدر ما أعطاها من طاقة أو رزق … روى ابن جرير أن عمر بن الخطاب سأل عن أبى عبيدة فقيل له إنه يلبس الغليظ من الثياب ، ويأكل الخشن من الطعام ، فبعث إليه بألف دينار ، وقال للرسول انظر ماذا يصنع أذا أخذها فلما أخذها ، ما لبث أن لبس ألين الثياب ، وأكل أطيب الطعام … فجاء الرسول فأخبره فقال عمر رحم الله أبا عبيدة ، لقد عمل بهذه الآية { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ … } . ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة ببشارة لمن يتبع أمره فقال { سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً } أى سيجعل الله - تعالى - بفضله وإحسانه - اليسر بعد العسر ، والسعة بعد الضيق ، والغنى بعد الفقر … لمن شاء من عباده ، لأنه - سبحانه - هو الذى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، وهو بعباده خبير بصير . قال الإِمام ابن كثير وقد روى الإِمام أحمد عن أبى هريرة قال " دخل رجل على أهله . فلما رأى ما بهم من الفاقة خرج إلى البرية ، لما رأت امرأته ذلك قامت إلى الرحى فوضعتها ، وإلى التنور فسجرته - أى أوقدته - ، ثم قالت اللهم ارزقنا ، فنظرت ، فإذا الجفنة قد امتلأت … قال وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا ، قال فرجع الزوج فقال لأهله أأصبتم بعدى شيئا ؟ فقالت امرأته نعم من ربنا … فذكر الرجل ذلك للنبى - صلى الله عليه وسلم - فقال أما إنه لو لم ترفعها ، لم تزل تدور إلى يوم القيامة " . وبعد هذه التشريعات الحكيمة التى تتعلق بالطلاق وما يترتب عليه من آثار ، وبعد هذا التذكير المتكرر بوجوب تقوى الله - تعالى - والمحافظة على أداء تكاليفه ، وبعد هذا الوعظ المؤثر فى قلوب الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر … بعد كل ذلك ساق - سبحانه - جانبا من سوء عاقبة الأقوام الذين فسقوا عن أمر ربهم ، وخالفوا رسله وكرر الأمر بتقواه ، وذكر الناس بجانب من نعمه ، حيث أرسل إليهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليتلوا عليهم آياته … كما ذكرهم بعظيم قدرته - تعالى - وشمول علمه ، فقال - سبحانه - { وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ … } .