Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 19-19)
Tafsir: at-Tafsīr al-wasīṭ li-l-Qurʾān al-Karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
صدر الكلام بالنداء للتنبيه على الاهتمام بالمأمور به ، وتخصيص الخطاب بآدم - عليه السلام - للإِيذان بأصالته بالتلقى وتعاطى المأمور به . وقوله { ٱسْكُنْ } من السكنى وهو اللبث والإِقامة والاستقرار ، دون السكون الذى هو ضد الحركة . والزوج . يطلق على الرجل والمرأة . والمراد به هنا حواء ، حيث تقول العرب للمرأة زوج ولا تكاد تقول زوجة . والجنة هى كل بستان ذى شجر متكاثف ملتف الأغصان ، يظلل ما تحته ويستره من الجن وهو ستر الشىء عن الحواس . وجمهور أهل السنة على أن المراد بها هنا دار الثواب التى أعدها الله للمؤمنين يوم القيامة ، لأن هذا هو المتبادر إلى الذهن عند الاطلاق . ويرى جمهور علماء المعتزلة أن المراد بها هنا بستان بمكان مرتفع من الأرض ، خلقه الله لاسكان آدم وزوجته . واختلفوا فى مكانه ، فقيل انه بفلسطين ، وقيل بغيرها . وقد ساق ابن القيم فى كتابه " حادى الأرواح " أدلة الفريقين دون أن يرجح شيئا منها . والذى نراه أن الأحوط والأسلم . الكف عن تعيينها وعن القطع به ، وإليه ذهب أبو حنيفة وأبو منصور الماتريدى فى التأويلات ، إذ ليس لهذه المسألة تأثير فى العقيدة . وتوجيه الخطاب إليهما فى قوله { فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا } لتعميم التشريف والإِيذان بتساويهما فى مباشرة المأمور به . أى كلا من مطاعم الجنة وثمارها أكلا واسعا من أى مكان أردتم . ثم بين - سبحانه - أنه نهاهم عن الأكل من شجرة معينة فقال { وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } . القرب الدنو والمنهى عنه هو الأكل من ثمار الشجرة . وتعليق النهى على القرب منها القصد منه المبالغة فى النهى عن الأكل ، إذى فى النهى عن القرب من الشىء نهى عن فعله من باب أولى . وأكد النهى بأن جعل عدم اجتناب الأكل من الشجرة ظلما . فقال { فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } وقد ظلما أنفسهما إذ أكلا منها ، فقد ترتب على أكلهما منها أن أخرجا من الجنة التى كانا يعيشان فيها عيشة راضية . وقد تكلم العلماء كثيرا عن اسم هذه الشجرة ونوعها فقيل هى التينة ، وقيل هى السنبلة ، وقيل هى الكرمة … إلخ إلا أن القرآن لم يذكر نوعها على عادته فى عدم التعرض لذكر ما لم يدع المقصود من سياق القصة إلى بيانه . وقد أحسن ابن جرير فى التعبير عن هذا المعنى فقال " والصواب فى ذلك أن يقال إن الله - تعالى - نهى آدم وزوجه عن الأكل من شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر اشجارها فأكلا منها ، ولا علم عندنا بأى شجرة كانت على التعيين ، لأن الله لم يضع لعباده دليلا على ذلك فى القرآن ولا من السنة الصحيحة ، وقد قيل كانت شجرة البر ، وقيل شجرة العنب ، وذلك علم إذا علم لم ينفع العالم به علمه ، وان جهله جاهل لم يضره جهله به " .