Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 21-30)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَخَرَجَ مِنْهَا } من المدينة . { خَائِفاً يَتَرَقَّبُ } لحوق طالب . { قَالَ رَبّ نَجّنِي مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } خلصني منهم واحفظني من لحوقهم . { وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ } قبالة مدين قرية شعيب ، سميت باسم مدين بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ولم تكن في سلطان فرعون وكان بينها وبين مصر مسيرة ثمان . { قَالَ عَسَىٰ رَبّى أَن يَهْدِيَنِى سَوَاء ٱلسَّبِيلِ } توكلاً على الله وحسن ظن به ، وكان لا يعرف الطريق فعن له ثلاث طرق فأخذ في أوسطها وجاء الطلاب عقيبه فأخذوا في الآخرين . { وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ } وصل إليه وهو بئر كانوا يسقون منها . { وَجَدَ عَلَيْهِ } وجد فوق شفيرها . { أُمَّةً مّنَ ٱلنَّاسِ } جماعة كثيرة مختلفين . { يُسْقَوْنَ } مواشيهم . { وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ } في مكان أسفل من مكانهم . { ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ } تمنعان أغنامهما عن الماء لئلا تختلط بأغنامهم . { قَالَ مَا خَطْبُكُمَا } ما شأنكما تذودان . { قَالَتَا لاَ نَسْقِى حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرّعَاءُ } تصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذراً عن مزاحمة الرجال ، وحذف المفعول لأن الغرض هو بيان ما يدل على عفتهما ويدعوه إلى السقي لهما ثم دونه . وقرأ أبو عمرو وابن عامر » يُصْدِرَ « أي ينصرف . وقرىء » ٱلرُّعَاء « بالضم وهو اسم جمع كالرخال . { وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } كبير السن لا يستطيع أن يخرج للسقي فيرسلنا اضطراراً . { فَسَقَىٰ لَهُمَا } مواشيهما رحمة عليهما . قيل كانت الرعاة يضعون على رأس البئر حجراً لا يقله إلا سبعة رجال أو أكثر فأقله وحده مع ما كان به من الوصب والجوع وجراحة القدم ، وقيل كانت بئراً أخرى عليها صخرة فرفعها واستقى منها . { ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظّلِّ فَقَالَ رَبّ إِنّى لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ } لأي شيء أنزلت إلي . { مّنْ خَيْرٍ } قليل أو كثير وحمله الأكثرون على الطعام . { فَقِيرٌ } محتاج سائل ولذلك عدى باللام ، وقيل معناه إني لما أنزلت إلى من خير الدين صرت فقيراً في الدنيا ، لأنه كان في سعة عند فرعون والغرض منه إظهار التبجح والشكر على ذلك . { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِى عَلَى ٱسْتِحْيَاء } أي مستحيية متخفرة . قيل كانت الصغرى منهما وقيل الكبرى واسمها صفوراء أو صفراء وهي التي تزوجها موسى عليه اسلام . { قَالَتْ إِنَّ أَبِى يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ } ليكافئك . { أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } جزاء سقيك لنا ، ولعل موسى عليه الصلاة والسلام إنما أجابها ليتبرك برؤية الشيخ ويستظهر بمعرفته لا طمعاً في الأجر ، بل روي أنه لما جاءه قدم إليه طعاماً فامتنع عنه وقال : إنا أهل بيت لا نبيع ديننا بالدنيا حتى قال له شعيب عليه الصلاة والسلام : هذه عادتنا مع كل من ينزل بنا . هذا وأن كل من فعل معروفاً فأهدي بشيء لم يحرم أخذه . { فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ } يريد فرعون وقومه . { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا } يعني التي استدعته . { يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ } لرعي الغنم . { إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَـأَجَرْتَ ٱلْقَوِىُّ ٱلأَمِينُ } تعليل شائع يجري مجرى الدليل على أنه حقيق بالاستئجار وللمبالغة فيه ، جعل { خَيْرٌ } اسماً وذكر الفعل بلفظ الماضي للدلالة على أنه امرؤ مجرب معروف . روي أن شعيباً قال لها وما أعلمك بقوته فذكرت إقلال الحجر وأنه صوب رأسه حتى بلغته رسالته وأمرها بالمشي خلفه . { قَالَ إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِى } أي تأجر نفسك مني أو تكون لي أجيراً ، أو تثيبني من أجرك الله . { ثَمَانِىَ حِجَجٍ } ظرف على الأولين ومفعول به على الثالث بإضمار مضاف أي رعية ثماني حجج . { فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً } عملت عشر حجج . { فَمِنْ عِندِكَ } فإتمامه من عندك تفضلاً لا من عندي إلزاما عليك . وهذا استدعاء العقد لا نفسه ، فلعله جرى على أجرة معينة وبمهر آخر أو برعية الأجل الأول ووعد له أن يوفي الأخير إن تيسر له قبل العقد ، وكانت الأغنام للمزوجة مع أنه يمكن اختلاف الشرائع في ذلك . { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ } بإلزام إتمام العشر أو المناقشة في مراعاة الأوقات واستيفاء الأعمال ، واشتقاق المشقة من الشق فإن ما يصعب عليك يشق عليك اعتقادك في إطاقته ورأيك في مزاولته . { سَتَجِدُنِى إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّـٰلِحِينَ } في حسن المعاملة ولين الجانب والوفاء بالمعاهدة . { قَالَ ذَلِكَ بَيْنِى وَبَيْنَكَ } أي ذلك الذي عاهدتني فيه قائم بيننا لا نخرج عنه . { أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ } أطولهما أو أقصرهما . { قُضِيَتِ } وفيتك إياه . { فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ } لا تعتدي علي بطلب الزيادة فكما لا أطالب بالزيادة على العشر لا أطالب بالزيادة على الثمان ، أو فلا أكون متعدياً بترك الزيادة عليه كقولك لا إثم علي ، وهو أبلغ في إثبات الخيرة وتساوي الأجلين في القضاء من أن يقال إن قضيت الأقصر فلا عدوان علي . وقرىء { أَيَّمَا } كقوله : @ تَنَظَّرْت نَصْراً وَالسماكين أَيُّمَا عَليَّ مِنَ الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مَوَاطِرُه @@ وأي الأجلين ما قضيت فتكون ما مزيدة لتأكيد الفعل أي : أي الأجلين جردت عزمي لقضائه ، وعدوان بالكسر . { وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ } من المشارطة . { وَكِيلٌ } شاهد حفيظ . { فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ } بامرأته . روي أنه قضى أقصى الأجلين ومكث بعد ذلك عنده عشراً أخرى ثم عزم على الرجوع . { آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً } أبصر من الجهة التي تلي الطور . { قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُواْ إِنّى ءانَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي ءَاتِيكُمْ مّنْهَا بِخَبَرٍ } بخبر الطريق . { أَوْ جَذْوَةٍ } عود غليظ سواء كان في رأسه نار أو لم يكن . قال : @ بَاتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنُ لَهَا جَزلَ الجذى غَيْرَ خوارٍ وَلاَ دَعِرٍ @@ وقال آخر : @ وَأَلْقَى عَلى قَبس مِنْ النَّارِ جَذْوَة شَدِيداً عَلَيْهِ حَرُّهَا وَالتِهَابُهَا @@ ولذلك بينه بقوله : { مِنَ ٱلنَّارِ } وقرأ عاصم بالفتح وحمزة بالضم وكلها لغات . { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } تستدفئون بها . { فَلَمَّا أَتَـٰهَا نُودِىَ مِن شَاطِىء ٱلْوَادِ ٱلأَيْمَـنِ } أتاه النداء من الشاطىء الأيمن لموسى . { فِى ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَارَكَةِ } متصل بالشاطىء أو صلة لـ { نُودِىَ } . { مِنَ ٱلشَّجَرَةِ } بدل من شاطىء بدل الاشتمال لأنها كانت ثابتة على الشاطىء . { أَن يٰ مُوسَىٰ } أي يا موسى . { إِنّى أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } هذا وإن خالف ما في « طه » « والنمل » لفظاً فهو طبقه في المقصود .