Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 31-42)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ } أي فألقاها فصارت ثعباناً واهتزت { فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ } . { كَأَنَّهَا جَانٌّ } في الهيئة والجثة أو في السرعة . { وَلَّىٰ مُدْبِراً } منهزماً من الخوف . { وَلَمْ يُعَقّبْ } ولم يرجع . { يَا مُوسَىٰ } نودي يا موسى . { أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ } من المخاوف ، فإنه لا { يَخَافُ لَدَىَّ ٱلْمُرْسَلُونَ } [ النمل : 10 ] { ٱسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ } أدخلها . { تَخْرُجُ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ } عيب . { وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ } يديك المبسوطتين تتقي بهما الحية كالخائف الفزع بإدخال اليمنى تحت عضد اليسرى وبالعكس ، أو بإدخالهما في الجيب فيكون تكريراً لغرض آخر وهو أن يكون ذلك في وجه العدو إظهار جراءة ومبدأ لظهور معجزة ، ويجوز أن يراد بالضم التجلد والثبات عند انقلاب العصا حية استعارة من حال الطائر فإنه إذا خاف نشر جناحيه وإذا أمن واطمأن ضمهما إليه . { مِنَ ٱلرَّهْبِ } من أجل الرهب أي إذا عراك الخوف فافعل ذلك تجلداً وضبطاً لنفسك . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر بضم الراء وسكون الهاء ، وقرىء بضمهما ، وقرأ حفص بالفتح والسكون والكل لغات . { فَذَانِكَ } إشارة إلى العصا واليد ، وشدده ابن كثير وأبو عمرو ورويس . { بُرْهَانَـٰنِ } حجتان وبرهان فعلان لقولهم أبره الرجل إذا جاء بالبرهان من قولهم بره الرجل إذا ابيض ، ويقال برهاء وبرهرهة للمرأة البيضاء وقيل فعلال لقولهم برهن . { مِن رَبّكَ } مرسلاً بهما . { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } فكانوا أحقاء بأن يرسل إليهم . { قَالَ رَبّ إِنّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } بها . { وَأَخِى هَـرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنّى لِسَاناً فَأَرْسِلْهِ مَعِىَ رِدْءاً } معيناً وهو في الأصل اسم ما يعان به كالدفء ، وقرأ نافع « رداً » بالتخفيف . { يُصَدّقُنِى } بتخليص الحق وتقرير الحجة وتزييف الشبهة . { إِنّى أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ } ولساني لا يطاوعني عند المحاجة ، وقيل المراد تصديق القوم لتقريره وتوضيحه لكنه أسند إليه إسناد الفعل إلى السبب ، وقرأ عاصم وحمزة { يُصَدّقُنِى } بالرفع على أنه صفة والجواب محذوف . { قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } سنقويك به فإن قوة الشخص بشدة اليد على مزاولة الأمور ، ولذلك يعبر عنه باليد وشدتها بشدة العضد . { وَنَجْعَلَ لَكُمَا سُلْطَـٰناً } غلبة أو حجة . { فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا } باستيلاء أو حجاج . { بِـئَايَـٰتِنَا } متعلق بمحذوف أي اذهبا بآياتنا ، أو بـ { نَجْعَلِ } أي نسلطكما بها ، أو بمعنى « لا يصلون » أي تمتنعون منهم ، أو قسم جوابه « لا يصلون » ، أو بيان لـ { ٱلْغَـٰلِبُونَ } في قوله : { أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلْغَـٰلِبُونَ } بمعنى أنه صلة لما بينه أو صلة له على أن اللام فيه للتعريف لا بمعنى الذي . { فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُّوسَىٰ بِـئَايَـٰتِنَا بَيّنَـٰتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى } سحر تختلقه لم يفعل قبل مثله ، أو سحر تعمله ثم تفتريه على الله ؛ أو سحر موصوف بالإِفتراء كسائر أنواع السحر . { وَمَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } يعنون السحر أو ادعاء النبوة . { فِي ءَابَآئِنَا الأَوَّلِينَ } كائناً في أيامهم . { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبّى أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِٱلْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ } فيعلم أني محق وأنتم مبطلون . وقرأ ابن كثير « قال » بغير واو لأنه قال ما قاله جواباً لمقالهم ، ووجه العطف أن المراد حكاية القولين ليوازن الناظر بينهما فيميز صحيحهما من الفاسد . { وَمَن تَكُونُ لَهُ عَـٰقِبَةُ ٱلدَّارِ } العاقبة المحمودة فإن المراد بالدار الدنيا وعاقبتها الأصلية هي الجنة لأنها خلقت مجازاً إلى الآخرة ، والمقصود منها بالذات هو الثواب والعقاب إنما قصد بالعرض . وقرأ حمزة والكسائي { يَكُونَ } بالياء . { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } لا يفوزون بالهدى في الدنيا وحسن العاقبة في العقبى . { وَقَالَ فِرْعَوْنُ يٰأَيُّهَا ٱلْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى } نفى علمه بإله غيره دون وجوده إذ لم يكن عنده ما يقتضي الجزم بعدمه ، ولذلك أمر ببناء الصرح ليصعد إليه ويتطلع على الحال بقوله : { فَأَوْقِدْ لِى يٰهَـٰمَـٰنُ عَلَى ٱلطّينِ فَٱجْعَلْ لّي صَرْحاً لَّعَلّى أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } كأنه توهم أنه لو كان لكان جسماً في السماء يمكن الترقي إليه ثم قال : { وَإِنّي لأظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ } أو أراد أن يبني له رصداً يترصد منه أوضاع الكواكب فيرى هل فيها ما يدل على بعثة رسول وتبدل دولة ، وقيل المراد بنفي العلم نفي المعلوم كقوله تعالى : { أَتُنَبّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَلاَ فِى ٱلأَرْضِ } [ يونس : 18 ] فإن معناه بما ليس فيهن ، وهذا من خواص العلوم الفعلية فإنها لازمة لتحقق معلوماتها فيلزم من انتفائها لك انتفاؤها ، ولا كذلك العلوم الانفعالية ، قيل أول من اتخذ الآجر فرعون ولذلك أمر باتخاذه على وجه يتضمن تعليم الصنعة مع ما فيه من تعظم ؛ ولذلك نادى هامان باسمه بـ { يا } في وسط الكلام . { وَٱسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } بغير استحقاق . { وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ } بالنشور . وقرأ نافع وحمزة والكسائي بفتح الياء وكسر الجيم . { فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمّ } كما مر بيانه ، وفيه فخامة وتعظيم لشأن الآخذ واستحقار للمأخوذين كأنه أخذهم مع كثرتهم في كف وطرحهم في اليم ، ونظيره قوله تعالى : { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } [ الأنعام : 91 ] { وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ } [ الزمر : 67 ] { فَٱنظُرْ } يا محمد . { كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ } وحذر قومك عن مثلها . { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً } قدوة للضلال بالحمل على الإِضلال ، وقيل بالتسمية كقوله تعالى : { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } [ الزخرف : 19 ] أو بمنع الألطاف الصارفة عنه . { يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } إلى موجباتها من الكفر والمعاصي . { وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ } بدفع العذاب عنهم . { وَأَتْبَعْنَـٰهُم فِى هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً } طرداً عن الرحمة ، أو لعن اللاعنين يلعنهم الملائكة والمؤمنون . { وَيَوْمَ القِيَـٰمَةِ هُمْ مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } من المطرودين ، أو ممن قبح وجوههم .