Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 43-54)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَـٰبَ } التوراة . { مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ } أقوام نوح وهود وصالح ولوط . { بَصَائِرَ لِلنَّاسِ } أنواراً لقلوبهم تتبصر بها الحقائق وتميز بين الحق والباطل . { وَهَدًىٰ } إلى الشرائع التي هي سبل الله تعالى . { وَرَحْمَةً } لأنهم لو عملوا بها نالوا رحمة الله سبحانه وتعالى . { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ليكونوا على حال يرجى منهم التذكر ، وقد فسر بالإِرادة وفيه ما عرفت . { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِىّ } يريد الوادي ، أو الطور فإنه كان في شق الغرب من مقام موسى ، أو الجانب الغربي منه والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي ما كنت حاضراً . { إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } إذ أوحينا إليه الأمر الذي أردنا تعريفه . { وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّـٰهِدِينَ } للوحي إليه أو على الوحي إليه ، وهم السبعون المختارون الميقات ، والمراد الدلالة على أن إخباره عن ذلك من قبيل الإِخبار عن المغيبات التي لا تعرف إِلا بالوحي ولذلك استدرك عنه بقوله : { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ } أي ولكنا أوحينا إليك لأنا أنشأنا قروناً مختلفة بعد موسى فتطاولت عليهم المدد ، فحرفت الأخبار وتغيرت الشرائع واندرست العلوم ، فحذفت المستدرك وأقام سببه مقامه . { وَمَا كُنتَ ثَاوِياً } مقيماً . { فِى أَهْلِ مَدْيَنَ } شعيب والمؤمنين به . { تَتْلُو عَلَيْهِمْ } تقرأ عليهم تعلماً منهم . { ءَايَـٰتِنَا } التي فيها قصتهم . { وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } إياك ومخبرين لك بها . { وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا } لعل المراد به وقت ما أعطاه التوراة وبالأول حين ما استنبأه لأنهما المذكوران في القصد . { وَلَـٰكِنِ } علمناك . { رَحْمَةً مّن رَّبّكَ } وقرئت بالرفع على هذه { رَحْمَةً مّن رَبِّكَ } . { لِتُنذِرَ قَوْماً } متعلق بالفعل المحذوف . { مَّا أَتَـٰهُم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ } لوقوعهم في فترة بينك وبين عيسى ، وهي خمسمائة وخمسون سنة ، أو بينك وبين إسماعيل ، على أن دعوة موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام كانت مختصة ببني إسرائيل وما حواليهم . { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } يتعظون . { وَلَوْلا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } { لَوْلاَ } الأولى امتناعية والثانية تحضيضية واقعة في سياقها ، لأنها إنما أجيبت بالفاء تشبيهاً لها بالأمر مفعول يقولوا المعطوف على تصيبهم بالفاء المعطية معنى السببيّة المنبهة على أن القول هو المقصود بأن يكون سبباً لانتفاء ما يجاب به ، وأنه لا يصدر عنهم حتى تلجئهم العقوبة والجواب محذوف والمعنى : لولا قولهم إذا أصابتهم عقوبة بسبب كفرهم ومعاصيهم ربنا هلا أرسلت إلينا رسولاً يبلغنا آياتك فنتبعها ونكون من المصدقين ، ما أرسلناك أي إنما أرسلناك قطعاً لعذرهم وإلزاماً للحجة عليهم . { فَنَتَّبِعَ ءَايَـٰتِكَ } يعني الرسول المصدق بنوع من المعجزات . { وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } . { فَلَمَّا جَاءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ } من الكتاب جملة واليد والعصا وغيرها اقتراحاً وتعنتاً . { أَوَ لَمْ يَكْفُرُواْ بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } يعني أبناء جنسهم في الرأي والمذهب وهم كفرة زمان موسى ، أو كان فرعون عربياً من أولاد عاد . { قَالُواْ سَاحِران } يعني موسى وهارون ، أو موسى ومحمداً عليهما الصلاة والسلام . { وَإِن تَظَاهَرَا } تعاوناً بإظهار تلك الخوارق أو بتوافق الكتابين . وقرأ الكوفيون « سحران » بتقدير مضاف أو جعلهما سحرين مبالغة ، أو إسناد تظاهرهما إلى فعلهما دلالة على سبب الإِعجاز . وقرىء ظاهراً على الإِدغام . { وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَـٰفِرُونَ } أي بكل منهما أو بكل الأنبياء . { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَـٰبٍ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَا } مما أنزل على موسى وعلى محمد صلى الله عليه وسلم وإضمارهما لدلالة المعنى ، وهو يؤيد أن المراد بالساحرين موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام . { أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } إنا ساحران مختلفان ، وهذا من الشروط التي يراد بها الإِلزام والتبكيت ، ولعل مجيء حرف الشك للتهكم بهم . { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ } دعاءك إِلى الإِتيان بالكتاب الأهدى فحذف المفعول للعلم به ، ولأن فعل الاستجابة يعدى بنفسه إلى الدعاء وباللام إلى الداعي ، فإذا عدي إليه حذف الدعا غالباً كقوله : @ وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النِّدَا فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِيبُ @@ { فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ } إذ لو اتبعوا حجة لأتوا بها . { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ } استفهام بمعنى النفي . { بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ } في موضع الحال للتأكيد أو التقييد ، فإن هوى النفس قد يوافق الحق . { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } الذين ظلموا أنفسهم بالانهماك في اتباع الهوى . { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ } أتبعنا بعضه بعضاً في الإِنزال ليتصل التذكير ، أو في النظم لتقرر الدعوة بالحجة والمواعظ بالمواعيد والنصائح بالعبر . { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } فيؤمنون ويطيعون . { ٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } نزلت في مؤمني أهل الكتاب ، وقيل في أربعين من أهل الانجيل اثنان وثلاثون جاءوا مع جعفر من الحبشة وثمانية من الشام ، والضمير في { مِن قَبْلِهِ } للقرآن كالمستكن في : { وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءَامَنَّا بِهِ } أي بأنه كلام الله تعالى . { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّنَا } استئناف لبيان ما أوجب إيمانهم به . { إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ } استئناف آخر للدلالة على أن إيمانهم به ليس مما أحدثوه حينئذٍ ، وإنما هو أمر تقادم عهده لما رأوا ذكره في الكتب المتقدمة وكونهم على دين الإِسلام قبل نزول القرآن ، أو تلاوته عليهم باعتقادهم صحته في الجملة . { أُوْلَـئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ } مرة على إيمانهم بكتابهم ومرة على إيمانهم بالقرآن . { بِمَا صَبَرُواْ } بصبرهم وثباتهم على الإِيمانين ، أو على الإِيمان بالقرآن قبل النزول وبعده ، أو على أذى المشركين ومن هاجرهم من أهل دينهم . { وَيَدْرَءونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيّئَةَ } ويدفعون بالطاعة المعصية لقوله صلى الله عليه وسلم " أتبع السيئة الحسنة تمحها " { وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ } في سبيل الخير .