Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 38-46)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَـئَاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ } كصلة الرحم ، واحتج به الحنفية على وجوب النفقة للمحارم وهو غير مشعر به . { وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } ما وظف لهما من الزكاة ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لمن بسط له ولذلك رتب على ما قبله بالفاء . { ذَلِكَ خَيْرٌ لّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ } ذاته أو جهته أي يقصدون بمعروفهم إياه خالصاً ، أو جهة التقرب إليه لا جهة أخرى . { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } حيث حصلوا بما بسط لهم النعيم المقيم . { وَمَا ءَاتَيْتُمْ مّن رِباً } زيادة محرمة في المعاملة أو عطية يتوقع بها مزيد مكافأة ، وقرأ ابن كثير بالقصر بمعنى ما جئتم به من إعطاء ربا . { لّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ } ليزيد ويزكو في أموالهم . { فَلاَ يَرْبُواْ عَندَ ٱللَّهِ } فلا يزكو عنده ولا يبارك فيه ، وقرأ نافع ويعقوب « لتربوا » أي لتزيدوا أو لتصيروا ذوي ربا . { وَمَآ ءَاتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ } تبتغون به وجهه خالصاً { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } ذوو الأضعاف من الثواب ونظير المضعف المقوي والموسر لذي القوة واليسار ، أو الذين ضعفوا ثوابهم وأموالهم ببركة الزكاة ، وقرىء بفتح العين وتغييره عن سنن المقابلة عبارة ونظماً للمبالغة ، والالتفات فيه للتعظيم كأنه خاطب به الملائكة وخواص الخلق تعريفاً لحالهم ، أو للتعميم كأنه قال : فمن فعل ذلك { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ } ، والراجع منه محذوف إن جعلت ما موصولة تقديره المضعفون به ، أو فَمُؤْتُوه أولئك هم المضعفون . { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ مّن شَىْء } أثبت له لوازم الألوهية ونفاها رأساً عما اتخذوه شركاء له من الأصنام وغيرها مؤكداً بالإنكار على ما دل عليه البرهان والعيان ووقع عليه الوفاق ، ثم استنتج من ذلك تقدسه عن أن يكون له شركاء فقال : { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } ويجوز أن تكون الكلمة الموصولة صفة والخبر { هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ } والرابط { مّن ذٰلِكُمُ } لأنه بمعنى من أفعاله ، و { مِنْ } الأولى والثانية تفيد أن شيوع الحكم في جنس الشركاء والأفعال والثالثة مزيدة لتعميم المنفي وكل منها مستقلة بتأكيد لتعجيز الشركاء ، وقرأ حمزة والكسائي بالتاء . { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } كالجدب والموتان وكثرة الحرق والغرق وإخفاق الغاصة ومحق البركات وكثرة المضار ، أو الضلالة والظلم . وقيل المراد بالبحر قرى السواحل وقرىء و « البحور » . { بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ } بشؤم معاصيهم أو بكسبهم إياه ، وقيل ظهر الفساد في البر بقتل قابيل أخاه وفي البحر بأن جلندا ملك عمان كان يأخذ كل سفينة غصباً . { لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } بعض جزائه فإن تمامه في الآخرة واللام للعلة أو العاقبة . وعن ابن كثير ويعقوب « لّنُذِيقَهُمْ » بالنون . { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عما هم عليه . { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ } لتشاهدوا مصداق ذلك وتحققوا صدقه . { كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } استئناف للدلالة على أن سوء عاقبتهم كان لفشو الشرك وغلبته فيهم ، أو كان الشرك في أكثرهم وما دونه من المعاصي في قليل منهم . { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينَ ٱلْقِيّمِ } البليغ الاستقامة . { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ } لا يقدر أن يرده أحد ، وقوله : { مِنَ ٱللَّهِ } متعلق بـ { يَأْتِىَ } ، ويجوز أن يتعلق بـ { مَرَدْ } لأنه مصدر على معنى لا يرده الله لتعلق إرادته القديمة بمجيئه . { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } يتصدعون أي يتفرقون { فَرِيقٌ فِى ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِى ٱلسَّعِيرِ } كما قال { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } أي وباله وهو النار المؤبدة . { وَمَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } يسوون منزلاً في الجنة ، وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على الاختصاص . { لِيَجْزِىَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِن فَضْلِهِ } علة لـ { يَمْهَدُونَ } أو لـ { يَصَّدَّعُونَ } ، والاقتصار على جزاء المؤمنين للإِشعار بأنه المقصود بالذات والاكتفاء على فحوى قوله : { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ } فإن فيه إثبات البغض لهم والمحبة للمؤمنين ، وتأكيد اختصاص الصلاح المفهوم من ترك ضميرهم إلى التصريح بهم تعليل له ومن فضله دال على أن الإِثابة تفضل محض ، وتأويله بالعطاء أو الزيادة على الثواب عدول عن الظاهر . { وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرّيَـٰحَ } الشمال والصبا والجنوب فإنها رياح الرحمة وأما الدبور فريح العذاب ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام " اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً " وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي « ٱلرّيحَ » على إرادة الجنس . { مُبَشّرٰتٍ } بالمطر . { وَلِيُذِيقَكُمْ مّن رَّحْمَتِهِ } يعني المنافع التابعة لها ، وقيل الخصب التابع لنزول المطر المسبب عنها أو الروح الذي هو مع هبوبها والعطف على علة محذوفة دل عليها { مُبَشّرٰتٍ } أو عليها باعتبار المعنى ، أو على { يُرْسِلُ } بإضمار فعل معلل دل عليه . { وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } يعني تجارة البحر . { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ولتشكروا نعمة الله تعالى فيها .