Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 20-30)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ } بأن جعله أسباباً محصلة لمنافعكم . { وَمَا فِى ٱلأَرْضِ } بأن مكنكم من الإِنتفاع به بوسط أو غير وسط { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَـٰهِرَةً وَبَاطِنَةً } محسوسة ومعقولة ما تعرفونه وما لا تعرفونه وقد مر شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة ، وقرىء « وأصبغ » بالإبدال وهو جار في كل سين اجتمع من الغين أو الخاء أو القاف كصلخ وصقر ، وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص « نِعَمَهُ » بالجمع والإِضافة . { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَـٰدِلُ فِى ٱللَّهِ } في توحيده وصفاته . { بِغَيْرِ عِلْمٍ } مستفاد من دليل . { وَلاَ هُدًى } راجع إلى رسول . { وَلاَ كِتَـٰبٍ مُّنِيرٍ } أنزله الله بل بالتقليد كما قال : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا } وهو منع صريح من التقليد في الأصول . { أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ يَدْعُوهُمْ } يحتمل أن يكون الضمير { لَهُمْ } ولآبائهم . { إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } إلى ما يؤول إليه من التقليد أو الإِشراك وجواب محذوف مثل لاتبعوه ، والإِستفهام للإنكار والتعجب . { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ } بأن فوض أمره إليه وأقبل بشراشره عليه من أسلمت المتاع إلى الزبون ، ويؤيده القراءة بالتشديد وحيث عدى باللام فلتضمن معنى الإخلاص . { وَهُوَ مُحْسِنٌ } في عمله . { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } تعلق بأوثق ما يتعلق به ، وهو تمثيل للمتوكل المشتغل بالطاعة بمن أراد أن يترقى إلى شاهق جبل فتمسك بأوثق عرى الحبل المتدلي منه . { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلأُمُورِ } إذ الكل صائر إليه . { وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ } فإنه لا يضرك في الدنيا والآخرة ، وقرىء { فَلاَ يَحْزُنكَ } من أحزن وليس بمستفيض . { إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } في الدارين . { فَنُنَبّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ } بالإِهلاك والتعذيب . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } فمجازٍ عليه فضلاً عما في الظاهر . { نُمَتّعُهُمْ قَلِيلاً } تمتيعاً أو زماناً قليلاً فإن ما يزول بالنسبة إلى ما يدوم قليل . { ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ } يثقل عليهم ثقل الأجرام الغلاظ أو يضم إلى الإِحراق الضغط . { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } لوضوح الدليل المانع من إسناد الخلق إلى غيره بحيث اضطروا إلى إذاعته . { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } على إلزامهم والجائهم إلى الإِعتراف بما يوجب بطلان معتقدهم . { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أن ذلك يلزمهم . { للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ } لا يستحق العبادة فيهما غيره { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ } عن حمد الحامدين . { ٱلْحَمِيدِ } المستحق للحمد وإن لم يحمد . { وَلَوْ أَنَّ مَّا فِى ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } ولو ثبت كون الأشجار أقلاماً ، وتوحيد { شَجَرَةٍ } لأن المراد تفصيل الآحاد . { وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ } والبحر المحيط بسعته مداداً ممدوداً بسبعة أبحر ، فأغنى عن ذكر المداد بمده لأنه من مد الدواة وأمدها ، ورفعه للعطف على محل أن ومعموليها وبمده حال أو للابتداء على أنه مستأنف أو الواو للحال ، ونصبه البصريان بالعطف على اسم { أَن } أو إضمار فعل يفسره { يَمُدُّهُ } ، وقرىء « تمده » « ويمده » بالياء والتاء . { مَّا نَفِدَتْ كَلِمَـٰتُ ٱللَّهِ } بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد وإيثار جمع القلة للإشعار بأن ذلك لا يفي بالقليل فكيف بالكثير . { أَنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ } لا يعجزه شيء . { حَكِيمٌ } لا يخرج عن علمه وحكمته أمر ، والآية جواب لليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمروا وفد قريش أن يسألوه عن قوله تعالى : { وَمَا أُوتِيتُم مّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء : 85 ] وقد أنزل التوراة وفيها علم كل شيء . { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وٰحِدَةٍ } إلا كخلقها وبعثها إذ لا يشغله شأن عن شأن لأنه يكفي لوجود الكل تعلق إرادته الواجبة مع قدرته الذاتية كما قال { إِنَّمَا أَمْرُنَا لِشَىْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } يسمع كل مسموع { بَصِيرٌ } يبصر كل مبصر لا يشغله إدراك بعضها عن بعض فكذلك الحق . { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُولِجُ ٱلَّيْلَ فِى ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِى ٱلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى } كل من النيرين يجري في فلكه . { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } إلى منتهى معلوم الشمس إلى آخر السنة والقمر إلى آخر الشهر . وقيل إلى يوم القيامة والفرق بينه وبين قوله { لأَجَـلٍ مُّسَـمًّى } أن الـ { أَجَلٌ } ها هنا منتهى الجري وثمة غرضه حقيقة أو مجازاً وكلا المعنيين حاصل في الغايات . { وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } عالم بكنهه . { ذٰلِكَ } إشارة إلى الذي ذكر من سعة العلم وشمول القدرة وعجائب الصنع واختصاص الباري بها . { بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ } بسبب أنه الثابت في ذاته الواجب من جميع جهاته ، أو الثابت إلهيته . { وَأَنَّ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلْبَـٰطِلُ } المعدوم في حد ذاته لأنه لا يوجد ولا يتصف إلا بجعله أو الباطل إلهيته ، وقرأ البصريان والكوفيون غير أبي بكر بالياء . { وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْعَلِىُّ ٱلْكَبِيرُ } مترفع على كل شيء ومتسلط عليه .