Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 25-40)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُل لاَّ تُسْـئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْـئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ } هذا أدخل في الإِنصاف وأبلغ في الإِخباث حيث أسند الإجرام إلى أنفسهم والعمل إلى المخاطبين . { قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا } يوم القيامة . { ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِٱلْحَقّ } يحكم ويفصل بأن يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار . { وَهُوَ ٱلْفَتَّاحُ } الحاكم الفاصل في القضايا المتغلقة . { ٱلْعَلِيمُ } بما ينبغي أن يقضى به . { قُلْ أَرُونِىَ ٱلَّذيِنَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ } لأرى بأي صفة ألحقتموهم بالله في استحقاق العبادة ، وهو استفسار عن شبهتهم بعد إلزام الحجة عليهم زيادة في تبكيتهم . { كَلاَّ } ردع لهم عن المشاركة بعد إبطال المقايسة . { بَلْ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحْكِيمُ } الموصوف بالغلبة وكمال القدرة والحكمة ، وهؤلاء الملحقون به متسمون بالذلة متأبية عن قبول العلم والقدرة رأساً ، والضمير لله أو للشأن . { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ } إلا إرسالة عامة لهم من الكف فإنها إذا عمتهم قد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم ، أو إلا جامعاً لهم في الإِبلاغ فهي حال من الكاف والتاء للمبالغة ، ولا يجوز جعلها حالاً من الناس على المختار . { بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } فيحملهم جهلهم على مخالفتك . { وَيَقُولُونَ } من فرط جهلهم . { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } يعنون المبشر به والمنذر عنه أو الموعود بقوله تعالى : { يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا } [ سبأ : 26 ] { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } يخاطبون به رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين . { قُل لَّكُم مّيعَادُ يَوْمٍ } وعد يوم أو زمان وعد ، وإضافته إلى اليوم للتبيين ويؤيده أنه قرىء { يَوْمٍ } على البدل ، وقرىء { يَوْمٍ } بإضمار أعني . { لاَّ تَسْتَـئَخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ } إذا فاجأكم وهو جواب تهديد جاء مطابقاً لما قصدوه بسؤالهم من التعنت والإِنكار . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بِهَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ وَلاَ بِٱلَّذِى بَيْنَ يَدَيْهِ } ولا بما تقدمه من الكتب الدالة على النعت . قيل إن كفار مكة سألوا أهل الكتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبروهم أنهم يجدون نعته في كتبهم فغضبوا وقالوا ذلك ، وقيل الذي بين يديه يوم القيامة . { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبّهِمْ } أي في موضع المحاسبة . { يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ } يتحاورون ويتراجعون القول . { يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ } يقول الأتباع . { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } للرؤساء . { لَوْلاَ أَنتُمْ } لولا إضلالكم وصدكم إيانا عن الإِيمان . { لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم . { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ أَنَحْنُ صَدَدنَـٰكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ } أنكروا أنهم كانوا صادّين لهم عن الإِيمان وأثبتوا أنهم هم الذين صدوا أنفسهم حيث أعرضوا عن الهدى وآثروا التقليد عليه ، ولذلك بنوا الإِنكار على الإِسم . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } إضراب عن إضرابهم أي : لم يكن إجرامنا الصاد بل مكركم لنا دائباً ليلاً ونهاراً حتى أعورتم علينا رأينا . { إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً } والعاطف يعطفه على كلامهم الأول وإضافة الـ { مَكَرَ } إلى الظرف على الاتساع ، وقرىء { مَكْرَ ٱلَّيْلِ } بالنصب على المصدر و { مَكْرُ ٱلَّيْلِ } بالتنوين ونصب الظرف و { مَكْرُ ٱلَّيْلِ } من الكرور . { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ } وأضمر الفريقان الندامة على الضلال والإضلال وأخفاها كل عن صاحبه مخافة التعيير ، أو أظهروها فإنه من الأضداد إذ الهمزة تصلح للإثبات والسلب كما في أشكيته . { وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلَـٰلَ فِى أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي في أعناقهم فجاء بالظاهر تنويهاً بذمهم وإشعاراً بموجب أغلالهم . { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي لا يفعل بهم ما يفعل إلا جزاء على أعمالهم ، وتعدية يجزي إما لتضمين معنى يقضي أو بنزع الخافض . { وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا } تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما مني به من قومه ، وتخصيص المتنعمين بالتكذيب لأن الداعي المعظم إليه التكبر والمفاخرة بزخارف الدنيا والانهماك في الشهوات والاستهانة بمن لم يحظ منها ، ولذلك ضموا التهكم والمفاخرة إلى التكذيب فقالوا : { إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَـٰفِرُونَ } على مقابلة الجمع بالجمع . { وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوٰلاً وَأَوْلَـٰداً } فنحن أولى بما تدعونه إن أمكن . { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } إما لأن العذاب لا يكون ، أو لأنه أكرمنا بذلك فلا يهيننا بالعذاب . { قُلْ } رداً لحسبانهم . { إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ } ولذلك يختلف فيه الأشخاص المتماثلة في الخصائص والصفات ، ولو كان ذلك لكرامة وهوان يوجبانه لم يكن بمشيئته . { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } فيظنون أن كثرة الأموال والأولاد للشرف والكرامة وكثيراً ما يكون للاستدراج كما قال : { وَمَا أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ بِٱلَّتِى تُقَرّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ } قربة والتي إما لأن المراد وما جماعة أموالكم وأولادكم ، أو لأنها صفة محذوف كالتقوى والخصلة . وقرىء « بالذي » أي بالشيء الذي يقربكم . { إِلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } استثناء من مفعول { تُقَرّبُكُمْ } ، أي الأموال والأولاد لا تقرب أحداً إلا المؤمن الصالح الذي ينفق ماله في سبيل الله ويعلم ولده الخير ويربيه على الصلاح ، أو من { أَمْوٰلَكُمْ } و { أَوْلَـٰدُكُمْ } على حذف المضاف . { فَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ جَزَاُ ٱلضّعْفِ } أن يجازوا الضعف إلى عشر فما فوقه ، والإِضافة إضافة المصدر إلى المفعول ، وقرىء بالأعمال على الأصل وعن يعقوب رفعهما على إبدال الضعف ، ونصب الجزاء على التمييز أو المصدر لفعله الذي دل عليه لهم . { بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِى ٱلْغُرُفَـٰتِ ءامِنُونَ } من المكاره ، وقرىء بفتح الراء وسكونها ، وقرأ حمزة « في الغرفة » على إرادة الجنس . { وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِى ءَايَـٰتِنَا } بالرد والطعن فيها . { مُعَـٰجِزِينَ } مسابقين لأنبيائنا أو ظانين أنهم يفوتوننا . { أُوْلَـئِكَ فِى ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } . { قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ } يوسع عليه تارة ويضيق عليه أخرى ، فهذا في شخص واحد باعتبار وقتين وما سبق في شخصين فلا تكرير . { وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } عوضاً إما عاجلاً أو آجلاً . { وَهُوَ خَيْرُ ٱلرزِقِينَ } فإن غيره وسط في إيصال رزقه لا حقيقة لرازقيته . { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } المستكبرين والمستضعفين . { ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَـٰئِكَةِ أَهَـؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } تقريعاً للمشركين وتبكيتاً لهم وإقناطاً لهم عما يتوقعون من شفاعتهم ، وتخصيص الملائكة لأنهم أشرف شركائهم والصالحون للخطاب منهم ، ولأن عبادتهم مبدأ الشرك وأصله . وقرأ حفص ويعقوب بالياء فيهما .