Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 7-11)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وعيد لمن أجاب دعاءه ووعد لمن خالفه وقطع للأماني الفارغة ، وبناء للأمر كله على الإِيمان والعمل الصالح وقوله : { أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءاهُ حَسَناً } تقرير له أي أفمن زين له سوء عمله بأن غلب وهمه وهواه على عقله حتى انتكس رأيه فرأى الباطل حقاً والقبيح حسناً ، كمن لم يزين له بل وفق حتى عرف الحق واستحسن الأعمال واستقبحها على ما هي عليه ، فحذف الجواب لدلالة : { فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ } وقيل تقديره أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليهم حسرة ، فحذف الجواب لدلالة : { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرٰتٍ } عليه ومعناه فلا تهلك نفسك عليهم للحسرات على غيهم وإصرارهم على التكذيب ، والفاءات الثلاث للسببية غير أن الأوليين دخلتا على السبب والثالثة دخلت على المسبب ، وجمع الحسرات للدلالة على تضاعف اغتمامه على أحوالهم أو كثرة مساوي أفعالهم المقتضية للتأسف ، وعليهم ليس صلة لها لأن صلة المصدر لا تتقدمه بل صلة تذهب أو بيان للمتحسر عليه . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } فيجازيهم عليه . { وَٱللَّهُ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَاحَ } وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي الريح . { فَتُثِيرُ سَحَـٰباً } على حكاية الحال الماضية استحضاراً لتلك الصورة البديعة الدالة على كمال الحكمة ، ولأن المراد بيان أحداثها بهذه الخاصية ولذلك أسنده إليها ، ويجوز أن يكون اختلاف الأفعال للدلالة على استمرار الأمر . { فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيّتٍ } وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص بالتشديد . { فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ } بالمطر النازل منه وذكر السحاب كذكره ، أو بالسحاب فإنه سبب السبب أو الصائر مطراً . { بَعْدَ مَوْتِهَا } بعد يبسها والعدول فيهما من الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص لما فيهما من مزيد الصنع . { كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } أي مثل إحياء الموات نشور الأموات في صحة المقدورية ، إذ ليس بينهما إلا احتمال اختلاف المادة في المقيس عليه وذلك لا مدخل له فيها . وقيل في كيفية الإِحياء فإنه تعالى يرسل ماء من تحت العرش تنبت منه أجساد الخلق . { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ } الشرف والمنعة . { فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً } أي فليطلبها من عنده فإن له كلها ، فاستغنى بالدليل عن المدلول . { إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّـٰلِحُ يَرْفَعُهُ } بيان لما يطلب به العزة وهو التوحيد والعمل الصالح ، وصعودهما إليه مجاز عن قبوله إياهما ، أو صعود الكتبة بصحيفتهما ، والمستكن في { يَرْفَعُهُ } لـ { ٱلْكَلِمُ } فإن العمل لا يقبل إلا بالتوحيد ويؤيده أنه نصب { العمل } ، أو لـ { العمل } فإنه يحقق الإِيمان ويقويه ، أو لله وتخصيص العمل بهذا الشرف لما فيه من الكلفة . وقرىء { يَصْعَدُ } على البناءين والمصعد هو الله تعالى أو المتكلم به أو الملك . وقيل { ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيّبُ } يتناول الذكر والدعاء وقراءة القرآن . وعنه عليه الصلاة والسلام " هو سبحان الله والحمد لله ولا إله لا الله والله أكبر ، فإذا قالها العبد عرج بها الملك إلى السماء فحيا بها وجه الرحمن ، فإذا لم يكن عمل صالح لم تقبل " . { وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ } المكرات السيئات يعني مكرات قريش للنبي عليه الصلاة والسلام في دار الندوة وتداورهم الرأي في إحدى ثلاث حبسه وقتله وإجلائه . { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } لا يؤبه دونه بما يمكرون به . { وَمَكْرُ أُوْلَـئِكَ هُوَ يَبُورُ } يفسد ولا ينفذ لأن الأمور مقدرة لا تتغير به كما دل عليه بقوله : { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ } بخلق آدم عليه السلام منه . { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } بخلق ذريته منها . { ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوٰجاً } ذكراناً وإناثاً . { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } إلاَّ معلومة له . { وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ } وما يمد في عمر من مصيره إلى الكبر . { وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ } من عمر المعمر لغيره بأن يعطى له عمر ناقص من عمره ، أو لا ينقص من عمر المنقوص عمره بجعله ناقصاً ، والضمير له وإن لم يذكر لدلالة مقابله عليه أو للعمر على التسامح فيه ثقة بفهم السامع كقولهم : لا يثيب الله عبداً ولا يعاقبه إلا بحق . وقيل الزيادة والنقصان في عمر واحد باعتبار أسباب مختلفة أثبتت في اللوح مثل : أن يكون فيه إن حج عمرو فعمره ستون سنة وإلا فأربعون . وقيل المراد بالنقصان ما يمر من عمره وينقضي فإنه يكتب في صحيفة عمره يوماً فيوماً ، وعن يعقوب « وَلاَ يُنقَصُ » على البناء للفاعل . { إِلاَّ فِى كِتَـٰبٍ } هو علم الله تعالى أو اللوح المحفوظ أو الصحيفة . { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } إشارة إلى الحفظ أو الزيادة أو النقص .