Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 55-79)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَطَّلِعَ } عليهم . { فَرَءاهُ } أي قرينه . { فِى سَوَاء ٱلْجَحِيمِ } وسطه . { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } لتهلكني بالإِغواء ، وقرىء « لتغوين » و { إِن } هي المخففة واللام هي الفارقة . { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبّي } بالهداية والعصمة . { لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } معك فيها . { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيّتِينَ } عطف على محذوف أي أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ، أي بمن شأنه الموت وقرىء « بمائتين » . { إِلأ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ } التي كانت في الدنيا وهي متناولة لما في القبر بعد الإِحياء للسؤال ، ونصبها على المصدر من اسم الفاعل . وقيل على الاستثناء المنقطع . { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } كالكفار ، وذلك تمام كلامه لقرينه تقريعاً له أو معاودة إلى مكالمة جلسائه تحدثاً بنعمة الله ، أو تبجحاً بها وتعجباً منها وتعريضاً للقرين بالتوبيخ . { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } يحتمل أن يكون من كلامهم وأن يكون كلام الله سبحانه وتعالى لتقرير قوله والإِشارة إلى ما هم عليه من النعمة والخلود والأمن من العذاب . { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } أي لنيل مثل هذا يجب أن يعمل العاملون لا للحظوظ الدنيوية المشوبة بالآلام السريعة الانصرام ، وهو أيضاً يحتمل الأمرين . { أَذٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ٱلزَّقُّومِ } شجرة ثمرها نزل أهل النار ، وانتصاب { نُزُلاً } على التمييز أو الحال وفي ذكره دلالة على أن ما ذكر من النعيم لأهل الجنة بمنزلة ما يقال للنازل ولهم وراء ذلك ما تقصر عنه الأفهام ، وكذلك الزقوم لأهل النار ، وهو : اسم شجرة صغيرة الورق ذفر مرة تكون بتهامة سميت به الشجرة الموصوفة . { إِنَّا جَعَلْنَـٰهَا فِتْنَةً لّلظَّـٰلِمِينَ } محنة وعذاباً لهم في الآخرة ، أو ابتلاء في الدنيا فإنهم لما سمعوا أنها في النار قالوا كيف ذلك والنار تحرق الشجر ، ولم يعلموا أن من قدر على خلق حيوان يعيش في النار ويلتذ بها فهو أقدر على خلق الشجرة في النار وحفظه من الإِحراق . { إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِى أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ } منبتها في قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها . { طَلْعِهَا } حملها مستعار من طلع التمر لمشاركته إياه في الشكل ، أو الطلوع من الشجر . { كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيـٰطِينِ } في تناهي القبح والهول ، وهو تشبيه بالمتخيل كتشبيه الفائق الحسن بالملك . وقيل { ٱلشَّيـٰطِينِ } حيات هائلة قبيحة المنظر لها أعراف ، ولعلها سميت بها لذلك . { فَإِنَّهُمْ لأكِلُونَ مِنْهَا } من الشجرة أو من طلعها . { فَمَالِئُونَ مِنْهَا ٱلْبُطُونَ } لغلبة الجوع أو الجبر على أكلها . { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا } أي بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش وطال استسقاؤهم ، ويجوز أن يكون ثم لما في شرابهم من مزيد الكراهة والبشاعة . { لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ } لشراباً من غساق ، أو صديد مشوباً بماء حميم يقطع أمعاءهم ، وقرىء بالضم وهو اسم ما يشاب به والأول مصدر سمي به . { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ } مصيرهم . { لإِلَى ٱلْجَحِيمِ } إلى دركاتها أو إلى نفسها ، فإن الزقوم والحميم نزل يقدم إليهم قبل دخولهم ، وقيل الحميم خارج عنها لقوله تعالى : { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِى يُكَذّبُ بِهَا ٱلْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آن } [ الرحمن : 43 - 44 ] يوردون إليه كما تورد الإِبل إلى الماء ثم يردون إلى الجحيم ، ويؤيده أنه قرىء « ثم إن منقلبهم » . { إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ ءَابَاءهُمْ ضَالّينَ فَهُمْ عَلَىٰ ءَاثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } تعليل لاستحقاقهم تلك الشدائد بتقليد الآباء في الضلال ، والإِهراع : الإِسراع الشديد كأنهم يزعجون على الإِسراع على { آثَاٰرِهِمْ } ، وفيه إشعار بأنهم بادروا إلى ذلك من غير توقف على نظر وبحث . { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ } قبل قومك . { أَكْثَرُ ٱلأوَّلِينَ } . { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُّنذِرِينَ } أنبياء أنذروهم من العواقب . { فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُنْذَرِينَ } من الشدة والفظاعة . { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } إلا الذين تنبهوا بإنذارهم فأخلصوا دينهم لله ، وقرىء بالفتح أي الذين أخلصهم الله لدينه والخطاب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، والمقصود خطاب قومه فإنهم أيضاً سمعوا أخبارهم ورأوا آثارهم . { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ } شروع في تفصيل القصص بعد إجمالها ، أي ولقد دعانا حين أيس من قومه . { فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } أي فأجبناه أحسن الإِجابة فوالله لنعم المجيبون نحن ، فحذف منها ما حذف لقيام ما يدل عليه . { وَنَجَّيْنَـٰهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } من الغرق أو أذى قومه . { وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَـٰقِينَ } إذ هلك من عداهم وبقوا متناسلين إلى يوم القيامة ، إذ روي أنه مات كل من كان معه في السفينة غير بنيه وأزواجهم . { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى ٱلأَخِرِينَ } من الأمم . { سَلَـٰمٌ عَلَىٰ نُوحٍ } هذا الكلام جيء به على الحكاية والمعنى يسلمون عليه تسليماً . وقيل هو سلام من الله عليه ومفعول { تَّرَكْنَا } محذوف مثل الثناء . { فِى ٱلْعَـٰلَمِينَ } متعلق بالجار والمجرور ومعناه الدعاء بثبوت هذه التحية في الملائكة والثقلين جميعاً .