Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 12-20)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وفِرْعَوْنُ ذُو ٱلأَوْتَادِ } ذو الملك الثابت بالأوتاد كقوله : @ وَلَقَدْ غَنوا فِيْهَا بِأَنْعَمِ عِيْشَةٍ فِي ظِلِّ ملكٍ ثَابِتِ الأَوْتَادِ @@ مأخوذ من ثبات البيت المطنب بأوتاده ، أو ذو الجموع الكثيرة سموا بذلك لأن بعضهم يشد بعضاً كالوتد يشد البناء . وقيل نصب أربع سوار وكان يمد يدي المعذب ورجليه إليها ويضرب عليها أوتاداً ويتركه حتى يموت . { وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَـٰبُ لْئَيْكَةِ } وأصحاب الغيضة وهم قوم شعيب ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر « ليكة » . { أُوْلَـئِكَ ٱلأَحْزَابُ } يعني المتحزبين على الرسل الذين جعل الجند المهزوم منهم . { إِن كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرٌّسُلَ } بيان لما أسند إليهم من التكذيب على الإِبهام مشتمل على أنواع من التأكيد ليكون تسجيلاً على استحقاقهم للعذاب ، ولذلك رتب عليه : { فَحَقَّ عِقَابِ } وهو إما مقابلة الجمع بالجمع أو جعل تكذيب الواحد منهم تكذيب جميعهم . { وَمَا يَنظُرُ هَـؤُلآءِ } وما ينتظر قومك أو الأحزاب فإنهم كالحضور لاستحضارهم بالذكر ، أو حضورهم في علم الله تعالى : { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } هي النفخة الأولى . { مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ } من توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين ، أو رجوع وترداد فإنه فيه يرجع اللبن إلى الضرع ، وقرأ حمزة والكسائي بالضم وهما لغتان . { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّلْ لَّنَا قِطَّنَا } قسطنا من العذاب الذي توعدنا به ، أو الجنة التي تعدها للمؤمنين وهو من قطه إذا قطعه ، وقيل لصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس وقد فسر بها أي : عجل لنا صحيفة أعمالنا للنظر فيها . { قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } استعجلوا ذلك استهزاء . { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } واذكر لهم قصته تعظيماً للمعصية في أعينهم ، فإنه مع علو شأنه واختصاصه بعظائم النعم والمكرمات لما أتى صغيرة نزل عن منزلته ووبخه الملائكة بالتمثيل والتعريض حتى تفطن فاستغفر ربه وأناب فما الظن بالكفرة وأهل الطغيان ، أو تذكر قصته وصن نفسه أن تزل فيلقاك ما لقيه من المعاتبة على إهمال عنان نفسه أدنى إهمال . { ذَا ٱلأَيْدِ } ذا القوة يقال فلان أيد وذو أيد وآد وأياد بمعنى . { إِنَّهُ أَوَّابٌ } رجاع إلى مرضاة الله تعالى ، وهو تعليل لـ { ٱلأَيْدِ } ودليل على أن المراد به القوة في الدين ، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ويقوم نصف الليل . { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبّحْنَ } قد مر تفسيره ، و { يُسَبّحْنَ } حال وضع موضع مسبحان لاستحضار الحال الماضية والدلالة على تجدد التسبيح حالاً بعد حال . { بِٱلْعَشِىّ وَٱلإشْرَاقِ } ووقت الإِشراق وهو حين تشرق الشمس أي تضيء ويصفو شعاعها وهو وقت الضحى ، وأما شروقها فطلوعها يقال شرقت الشمس ولما تشرق . وعن أم هانىء رضي الله تعالى عنها : أنه عليه الصلاة والسلام صلى صلاة الضحى وقال " هذه صلاة الإِشراق " وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ما عرفت صلاة الضحى إلا بهذه الآية . { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً } إليه من كل جانب ، وإنما لم يراع المطابقة بين الحالين لأن الحشرجملة أدل على القدرة منه مدرجاً ، وقرىء « وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً » بالمبتدأ والخبر . { كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } كل واحد من الجبال والطير لأجل تسبيحه رجاع إلى التسبيح ، والفرق بينه وبين ما قبله أنه يدل على الموافقة في التسبيح وهذا على المداومة عليها ، أو كل منهما ومن داوود عليه الصلاة والسلام مرجع لله التسبيح . { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } وقويناه بالهيبة والنصرة وكثرة الجنود ، وقرىء بالتشديد للمبالغة . قيل : إن رجلاً ادعى بقرة على آخر وعجز عن البيان ، فأوحى إليه أن اقتل المدعى عليه فأعلمه فقال : صدقت إني قتلت أباه وأخذت البقرة فعظمت بذلك هيبته . { وَءَاتيْنَاهُ الْحِكْمَةَ } النبوة أو كمال العلم واتقان العمل . { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } وفصل الخصام بتمييز الحق عن الباطل ، أو الكلام المخلص الذي ينبه المخاطب على المقصود من غير التباس يراعى فيه مظان الفصل والوصل والعطف والاستئناف ، والإِضمار والحذف والتكرار ونحوها ، وإنما سمي به أما بعد لأنه يفصل المقصود عما سبق مقدمة له من الحمد والصلاة ، وقيل هو الخطاب القصد الذي ليس فيه اختصار محل ولا إشباع ممل كما جاء في وصف كلام الرسول عليه الصلاة والسلام " فصل لا نزر ولا هذر " .