Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 6-11)
Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ } وانطلق أشراف قريش من مجلس أبي طالب بعدما بكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . { أَنِ ٱمْشُواْ } قائلين بعضهم لبعض { ٱمْشُواْ } . { ٱصْبِرُواْ } واثبتوا . { عَلَىٰ ءَالِهَتِكُمْ } على عبادتها فلا ينفعكم مكالمته ، و { أَنِ } هي المفسرة لأن الانطلاق عن مجلس التقاول يشعر بالقول . وقيل المراد بالانطلاق الاندفاع في القول ، و { ٱمْشُواْ } من مشت المرأة إذا كثرت أولادها ومنه الماشية أي اجتمعوا ، وقرىء بغير { أَنٍ } وقرىء « يمشون أن اصبروا » . { إِنَّ هَـٰذَا لَشَىْءٌ يُرَادُ } إن هذا الأمر لشيء من ريب الزمان يراد بنا فلا مرد له ، أو أن هذا الذي يدعيه من التوحيد أو يقصده من الرئاسة ، والترفع على العرب والعجم لشيء يتمنى أو يريده كل أحد ، أو أن دينكم لشيء يطلب ليؤخذ منكم . { مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا } بالذي يقوله . { فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلأَخِرَةِ } في الملة التي أدركنا عليها آباءنا ، أو في ملة عيسى عليه الصلاة والسلام التي هي آخر الملل فإن النصارى يثلثون . ويجوز أن يكون حالاً من هذا أي ما سمعنا من أهل الكتاب ولا الكهان بالتوحيد كائناً في الملة المترقبة . { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } كذب اختلقه . { ءَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ٱلذّكْرُ مِن بَيْنِنَا } إنكار لاختصاصه بالوحي وهو مثلهم أو أدون منهم في الشرف والرئاسة كقولهم { لَوْلاَ نُزّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانُ عَلَىٰ رَجُلٍ مّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] وأمثال ذلك دليل على أن مبدأ تكذيبهم لم يكن إلا الحسد وقصور النظر على الحطام الدنيوي . { بْل هُمْ فَي شَكّ مّن ذِكْرِي } من القرآن أو الوحي لميلهم إلى التقليد وإعراضهم عن الدليل ، وليس في عقيدتهم ما يبتون به من قولهم { هَـٰذَا سَـٰحِرٌ كَذَّابٌ } { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } . { بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ } بل لم يذوقوا عذابي بعد فإذا ذاقوه زال شكهم ، والمعنى أنهم لا يصدقون به حتى يمسهم العذاب فيلجئهم إلى تصديقه . { أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبّكَ ٱلْعَزِيزِ ٱلْوَهَّابِ } بل أعندهم خزائن رحمته وفي تصرفهم حتى يصيبوا بها من شاؤوا ويصرفوها عمن شاؤوا فيتخير للنبوة بعض صناديدهم ، والمعنى أن النبوة عطية من الله يتفضل بها على من يشاء من عباده لا مانع له فإنه العزيز أي الغالب الذي لا يغلب ، الوهاب الذي له أن يهب كل ما يشاء لمن يشاء ، ثم رشح ذلك فقال : { أَمْ لَهُم مُّلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } كأنه لما أنكر عليهم التصرف في نبوته بأن ليس عندهم خزائن رحمته التي لا نهاية لها ، أردف ذلك بأنه ليس لهم مدخل في أمر هذا العالم الجسماني الذي هو جزء يسير من خزائنه فمن أين لهم أن يتصرفوا فيها . { فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } جواب شرط محذوف أي إن كان لهم ذلك فليصعدوا في المعارج التي يتوصل بها إلى العرش حتى يستووا عليه ويدبروا أمر العالم ، فينزلوا الوحي إلى من يستصوبون . وهو غاية التهكم بهم ، والسبب في الأصل هو الوصلة ، وقيل المراد بالأسباب السموات لأنها أسباب الحوادث السفلية . { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ ٱلأَحَزَابِ } أي هم جند ما من الكفار المتحزبين على الرسل { مَهْزُومٌ } مكسور عما قريب فمن أين لهم التدابير الإِلهية والتصرف في الأمور الربانية ، أو فلا تكترث بما يقولون و { مَا } مزيدة للتقليل كقولك أكلت شيئاً ما ، وقيل للتعظيم على الهزء وهو لا يلائم ما بعده ، وهنالك إشارة إلى حيث وضعوا فيه أنفسهم من الانتداب لمثل هذا القول .