Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 28-36)

Tafsir: Anwār at-tanzīl wa-asrār at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِى ٱلأَرْضِ } { أَمْ } منقطعة والاستفهام فيها لإِنكار التسوية بين الحزبين التي هي من لوازم خلقها باطلاً ليدل على نفيه وكذا التي في قوله : { أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } كأنه أنكر التسوية أولاً بين المؤمنين والكافرين ثم بين المتقين من المؤمنين والمجرمين منهم ، ويجوز أن يكون تكريراً للإِنكار الأول باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية من الحكيم الرحيم ، والآية تدل على صحة القول بالحشر ، فإن التفاضل بينهما إما أن يكون في الدنيا والغالب فيها عكس ما يقتضي الحكمة فيه ، أو في غيرها وذلك يستدعي أن يكون لهم حالة أخرى يجازون بها . { كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ } نفاع ، وقرىء بالنصب على الحال . { لّيَدَّبَّرُواْ ءَايَـٰتِهِ } ليتفكروا فيها فيعرفواما يدبر ظاهرها من التأويلات الصحيحة والمعاني المستنبطة وقرىء ليتدبروا على الأصل ولتدبروا أي أنت وعلماء أمتك . { وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا ٱلأَلْبَـٰبِ } وليتعظ به ذوو العقول السليمة ، أو ليستحضروا ما هو كالمركوز في عقولهم من فرط تمكنهم من معرفته بما نصب عليه من الدلائل ، فإن الكتب الإليهة بيان لما لا يعرف إلا من الشرع ، وإرشاد إلى ما يستقل به العقل ، ولعل التدبر للمعلوم الأول والتذكر الثاني . { وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَـٰنَ نِعْمَ ٱلْعَبْدُ } أي نعم العبد سليمان إذ ما بعده تعليل للمدح وهو في حاله . { إِنَّهُ أَوَّابٌ } رجاع إلى الله بالتوبة ، أو إلى التسبيح مرجع له . { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ } ظرف لـ { أَوَّابٌ } أو لـ { نِعْمَ } ، والضمير لـ { سُلَيْمَـٰنُ } عند الجمهور { بِٱلْعَشِىّ } بعد الظهر { ٱلصَّـٰفِنَـٰتُ } الصافن من الخيل الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل ، وهو من الصفات المحمودة في الخيل الذي لا يكاد يكون إلا في العراب الخلص . { ٱلْجِيَادُ } جمع جواد أو جود ، وهو الذي يسرع في جريه وقيل الذي يجود في الركض ، وقيل جمع جيد . روي أنه عليه الصلاة والسلام غزا دمشق ونصيبين وأصاب ألف فرس ، وقيل أصابها أبوه من العمالقة فورثها منه فاستعرضها فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس وغفل عن العصر ، أو عن ورد كان له فاغتم لما فاته فاستردها فعقرها تقرباً لله . { فَقَالَ إِنّى أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِى } أصل { أَحْبَبْتُ } أن يعدى بعلى لأنه بمعنى آثرت لكن لما أنيب مناب أنبت عدي تعديته ، وقيل هو بمعنى تقاعدت من قوله : @ مِثْـلُ بَعِيـرِ السُّـوءِ إِذَا أَحَبَّـا @@ أي برك ، و { حُبَّ ٱلْخَيْرِ } مفعول له والخير المال الكثير ، والمراد به الخيل التي شغلته ويحتمل أنه سماها خيراً لتعلق الخير بها . قال عليه الصلاة والسلام " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة " وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بفتح الياء . { حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } أي غربت الشمس ، شبه غروبها بتواري المخبأة بحجابها وإضمارها من غير ذكر لدلالة العشي عليها . { رُدُّوهَا عَلَىَّ } الضمير لـ { ٱلصَّـٰفِنَـٰتُ } . { فَطَفِقَ مَسْحاً } فأخذ بمسح السيف مسحاً . { بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ } أي بسوقها وأعناقها يقطعها من قولهم مسح علاوته إذا ضرب عنقه ، وقيل جعل يمسح بيده أعناقها وسوقها حبالها ، وعن ابن كثير « بالسؤق » على همز الواو لضمة ما قبلها كمؤقن ، وعن أبي عمرو « بالسؤوق » وقرىء « بالساق » اكتفاء بالواحد عن الجمع لأمن الالباس . { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَـٰنَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ } وأظهر ما قيل فيه ما روي مرفوعاً " أنه قال : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله ، فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة جاءت بشق رجل ، فو الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا فرساناً " وقيل ولد له ابن فاجتمعت الشياطين على قتله فعلم ذلك ، فكان يغدوه في السحاب فما شعر به إلا أن ألقي على كرسيه ميتاً فتنبه على خطئه بأن لم يتوكل على الله . وقيل إنه غزا صيدون من الجزائر فقتل ملكها وأصاب ابنته جرادة ، فأحبها وكان لا يرقأ دمعها جزعاً على أبيها ، فأمر الشياطين فمثلوا لها صورته فكانت تغدو إليها وتروح مع ولائدها يسجدن لها كعادتهن في ملكه ، فأخبره آصف فكسر الصورة وضرب المرأة وخرج إلى الفلاة باكياً متضرعاً ، وكانت له أم ولد اسمها أمينة إذا دخل للطهارة أعطاها خاتمه وكان ملكه فيه ، فأعطاها يوماً فتمثل لها بصورته شيطان اسمه صخر وأخذ الخاتم وتختم به وجلس على كرسيه ، فاجتمع عليه الخلق ونفذ حكمه في كل شيء إلا في نسائه وغير سليمان عن هيئته ، فأتاها لطلب الخاتم فطردته فعرف أن الخطيئة قد أدركته ، فكان يدور على البيوت يتكفف حتى مضى أربعون يوماً عدد ما عبدت الصورة في بيته ، فطار الشيطان وقذف الخاتم في البحر فابتلعته سمكة فوقعت في يده فبقر بطنها فوجد الخاتم فتختم به وخر ساجداً وعاد إليه الملك ، فعلى هذا الجسد صخر سمي به وهو جسم لا روح فيه لأنه كان متمثلاً بما لم يكن كذلك ، والخطيئة تغافله عن حال أهله لأن اتخاذ التماثيل كان جائزاً حينئذ ، وسجود الصورة بغير علمه لا يضره . { قَالَ رَبّ ٱغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكاً لاَّ يَنبَغِى لأَحَدٍ مّن بَعْدِى } لا يتسهل له ولا يكون ليكون معجزة لي مناسبة لحالي ، أو لا ينبغي لأحد أن يسلبه مني بعد هذه السلبة ، أو لا يصح لأحد من بعدي لعظمته كقولك : لفلان ما ليس لأحد من الفضل والمال ، على إرادة وصف الملك بالعظمة لا أن لا يعطى أحد مثله فيكون منافسة ، وتقديم الاستغفار على الاستيهاب لمزيد اهتمامه بأمر الدين ووجوب تقديم ما يجعل للدعاء بصدد الإِجابة . وقرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء . { إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ } المعطي ما تشاء لمن تشاء .